ثم بعد ذلك تشقق السماء وتكون واهية، وينطلق الملائكة ويجتمعون، وتشققها يسمع له صوت مروع مرعب، وتطوى كما يطوى الكتاب، ثم بعد هذا تدحى الأرض وتبسط، حتى لا يبقى فيها شيء مستور، وذلك في الزلزلة العظمى، عندما يتجلى الباري سبحانه وتعالى للأرض، فيدحوها فتتزلزل الزلزلة العظمى، فتلفظ كل ما فيها، وتخرج كل كنوزها، وتبسط حتى لا يبقى فيها مكان مرتفع ولا مكان منخفض.
{إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[الزلزلة:١ - ٥]، وحين تدحى الأرض وتبسط تكون الجبال كالصوف فتذهب في الرياح:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا}[طه:١٠٤ - ١٠٧]{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}[القارعة:٥] فالجبال والشجر والأودية والبحار تزول وتبدل الأرض غير الأرض، وتشقق كما تشققت السماء، ويخرج الناس منها ينادَون: هلموا إلى ربكم، فيخرجون من الأجداث إلى ربهم ينسلون، ويجتمعون في الساهرة وهي الأرض البديلة، وهي رقعة دائرية كالكرسفة البيضاء، لم يعص الله عليها قط، يحشر عليها الأولون والآخرون، من لدن آدم إلى نهاية الدنيا، وهذه الرقعة يحيط بها البصر بقدر الله وحوله أجل شأنه.