الحمد لله على إحسانه، والشكر له على تفضله وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وإخوانه.
عباد الله! إن الطغيان له أسباب كثيرة، فيطغى الإنسان إذا أحس بالغنى، كما قال الله تعالى:{كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}[العلق:٦ - ٧].
ويطغى إذا أحس كذلك بالقوة بأي وجه من أوجهها، ويطغى إذا أحس بالإمهال من عند الله سبحانه وتعالى، ويطغى إذا اقترف كبيرة من الكبائر فلم يؤاخذ بها، ويطغى كذلك إذا رأى غيره ينصره على ما هو عليه من الباطل، وكل هذه الأسباب تؤدي بكثير من الناس إلى الطغيان ونسيان الآخرة، ومن العجب الذي لا يمكن أن يتصور إنسان قدره ولا مستواه، عندما يصل الطغيان إلى أقصاه في بلاد الإسلام وبين المسلمين! وينادى به على رءوس الأشهاد ولا يستنكره أحد، فهذا من العجائب العجيبة، التي لا يمكن أن يتصورها المسلم، الذي هو على هذه المحجة البيضاء، التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.