كذلك الصمت إلا ذاكراً لله تعالى فهو مما يعين على الوصول إلى هذا المقام، فالإنسان الذي يكثر الكلام في غير ذكر الله، لا بد أن يقسو قلبه، وقسوة القلب منافية للتزكية التي نسعى للوصول إليها، ولذلك أخرج مالك في الموطأ، أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول:(لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، وإنما الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية) وقد أخرج مسلم في الصحيح بعض هذا الحديث من حديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل فإن إكثار الكلام مقتض لفساد المزاج، فالذي يكثر الكلام في غير حاجة لا بد أن يكون فضوليا، ًوالفضولي لا يمكن أن يكون جاداً، ومن لم يكن جاداً لا يمكن أن يتوجه أصلاً، ومن لم يتوجه لم يسلك، ومن لم يسلك لم يصل.