للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إعانة التائب على الطاعة]

كذلك من فوائد التوبة أنها تعين الإنسان على الطاعة، فكثير من الناس اليوم مقتنع بأن عليه أن يكون من العابدين الطائعين لله المبادرين إلى جنة عرضها السماوات والأرض، ولكنه عاجز عن ذلك لا يستطيعه، والذي حال بينه وبينه هي الذنوب، فهو مكبل بذنوبه، وهذه الذنوب قيد عظيم تحول بين الإنسان وبين الطاعة، فإذا تاب الإنسان منها كسر كبلاً، وإذا كسر كبله أسرع في الخطو، وإذا أتى الله مشياً أتاه هرولة، ومن هنا فإن ما نشكوه من قسوة القلوب وتكاسل الجوارح عن الطاعات من علاجه التوبة والاستغفار.

ولهذا فالحسنات تنقسم إلى قسمين: حسنات أصلية، وحسنات جزاء، والسيئات كذلك تنقسم إلى قسمين: سيئات أصلية، وسيئات جزاء.

فالحسنات الأصلية هي ما يقبل العبد به على الله سبحانه وتعالى طائعاً يريد وجه الله والتقرب إليه.

وحسنات الجزاء هي ما يوفقه الله له بعد ذلك من الطاعات، فيعمل العبد حسنة صغيرة جداً هي من أقل درجات شعب الإيمان، كأن يميط الأذى عن الطريق، لكنه فعل ذلك مخلصاً لله، فيوفقه الله لحجة مبرورة، أو يوفقه لجهاد في سبيل الله بالمال، أو يوفقه لشهود صلاة في المسجد قد كتب الله أن كل من شهدها في المسجد يغفر له، أو يوفقه لعمل صالح من الأعمال المستمرة التي تبقى بعد الموت كالوقف، أو الولد الصالح الذي يدعو له، أو النفقة الجارية بسبب عمل يسير جداً كان قد عمله، كإماطة الأذى عن الطريق أو نحوها، فالله سبحانه وتعالى يجزي على الحسنات جزاءً مضاعفاً أنواعاً منوعة، ومنه جزاء دنيوي وجزاء أخروي، وأعظم الجزاء الدنيوي أن يوفق الإنسان للازدياد من الخير.

لذلك فالحسنات يتبع بعضها بعضاً، فمن تجرأ على أن هزم الشيطان وهزم نفسه فترك المعصية وبادر للطاعة فإن ذلك معين له للاستمرار على هذا الطريق، ومن كانت عقده منكوثة كلما عقد العزم على الاستمرار على الطاعة والهداية وجد هذا العزم منتكثاً رجع أدراجه فهو متصف بصفة من صفات المنافقين: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء:١٤٣].