للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهود العلماء في القرن العاشر]

كذلك اشتهر عدد من كبار العلماء في القرن العاشر الهجري، ومنهم أبو بكر اللمتوني الذي كتب إلى السيوطي يكاتبه في القدوم على هذه البلاد، وقد انتقل السيوطي من مصر حتى قدم (ولاته)، وتحدث عن ذلك في كتابه (الحاوي للفتاوي)، وسمى (ولاته) إذ ذاك بولاتم، ولعله اسم دريس من البربرية يطلق على هذه المدينة.

ومن المعلوم أن السيوطي توفي سنة تسعمائة وإحدى عشرة من الهجرة، وإنما وصل إلى هذه البلاد في أخريات عمره، وقد رجع بعد أن ترك بها علماً جماً كما قال هو، فقد روى الناس عنه الحديث والفقه واللغة وغير ذلك، وكان يعقد مجالس للإملاء بإملاء الحديث من حفظه دون الرجوع إلى الكتب، وقد لامه على ذلك بعض معاصريه من العلماء فرد عليهم بقوله: لام إملائي الحديث رجال قد سعوا في الظلال سعياً حثيثاً إنما ينكر الأمالي قوم لا يكادون يفقهون حديثاً كذلك جاء بعده الشيخ سيدي أحمد المغيلي قادماً من الجزائر بعد أن أفتى فتواه المشهورة في وجوب تحطيم كنائس اليهود والنصارى التي بنوها في الجزائر وهي دار إسلام لا يحل بناء كنيسة فيها، وهذه الفتوى موافقة للإجماع، فمن المعلوم أن دار الإسلام لا يحل إحداث أي كنيسة فيها ولا معبد لأي ديانة أخرى، والذين يتذرعون فيقولون: نتركهم يقيمون الكنائس هنا في بلادنا ليتركوا المسلمين يقيمون المساجد في بلادهم تذرعوا بأمر باطل لا حجة لهم فيه شرعاً، فلا يحل إقرار الكنائس في بلاد المسلمين ولا إقامتها.

وعندما أفتى الشيخ بهذه الفتوى في الجزائر وقد هاجر إليها تجار اليهود من الأندلس بعد سقوطها فإن الأسبانيين عندما غلبوا عليها أقاموا محاكم التفتيش للمسلمين واليهود، فساووا بينهم فقتلوا اليهود كما يقتلون المسلمين.

فخرج اليهود هرباً ولم يجدوا من يؤويهم في بلاد أوروبا، فدخلوا بلاد المغرب فآواهم الناس، وكانوا يقدمون الجزية إلى المسلمين، لكنهم غلبوا على المال فاشتهروا بالتجارة في (تلمسان) و (وهران) وغيرهما من بلاد الجزائر، فبنوا بعض الكنائس، فلما وصلت كنائسهم إلى الصحراء في جنوب الجزائر وبنو كنيسة في (بسكرة) وكنيسة أخرى في (المنيعة) قام عليهم الشيخ سيدي أحمد المغيلي فأفتى بتحطيم كنائسهم وباشر ذلك هو بطلابه، فحطم كنائس اليهود وأخرجهم من تلك البلاد، فوجد بعض المضايقة من بعض أمراء الزمان فخرج مهاجراً بدينه إلى هذه البلاد، فجاء بعلم جم وجاء معه عدد من الطلبة من الجزائريين فاشتهروا في هذه البلاد، وقد أخذ عنه عدد كبير من العلماء المشاهير.