للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أمارات عدم الخشية من الله: غفلة العبد]

أولاً: عدم الغفلة.

بأن يكون الإنسان منتبهاً لما يحيط به من الآيات، فالإنسان في هذه الحياة يحيط به كثير من الآيات البينات الدالة على قدرة الله ووحدانيته وتصريفه للكون: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد ومن آيات الله سبحانه وتعالى هذا الليل وهذا النهار، وهذه الأرواح، ومن آياته الموت والحياة، ومن آياته تصريف الريح، ومن آياته إنزال المطر، ومن آياته إنبات النبات، ومن آياته الأمراض وشفاؤها، ومن آياته الأرزاق وتقسيمها، كل ذلك من آيات الله البينات التي تدل على تمام تصرفه وقدرته وإرادته، وأنه المدبر لهذا الكون وحده، فمن جهل هذه الآيات أو لم ينتبه لها، ولم ينظر إلى ما يحيط به من عجائب هذا الكون كان من الذين لا يخافون الله سبحانه وتعالى ولا يخشونه حق خشيته.

وهذه الغفلة من صفات المنافقين، ويكتبها الله في قلوب من لا يرتضيهم من عباده، فيشغلهم بأمور الدنيا الفانية، فيبقون كالذي ينظر إلى قفاه وهو يصيح، فيتخبط في الظلام ولا يدري أن يضع قدمه، فكل متصف بالغفلة هو كالذي ينظر إلى الوراء وهو يظن أنه يسير إلى الإمام؛ لأنه لا يتدبر ما يحيط به، ولا ينتبه لما هو فيه، وهو في خطر داهم، وفي خطر عظيم، لما يواجهه من الغفلة عن الله سبحانه وتعالى وأوامره ونواهيه، وما من ساعة تمر ولا وقت ولو كان يسيراً، إلا ولله فيه خطاب يوجهه إلى عباده، فالغفلة عن هذا الخطاب، هي غفلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى، واشتغال عنه بما دونه.

وكذلك من علامات الغفلة: عدم إتقان العبادة: فالإنسان الذي لا يتقن العبادة إذا صلى لا يحضر في صلاته إلا لنشوة ضئيلة، ويأتيها بالتكاسل والتهاون، ولا يتقن طهارتها ولا أداءها، ولا ينتبه لما يقرأ فيها، ولا ينتبه لمعنى الركوع والانحناء، ولا معنى السجود بين يدي الله والتذلل، ولا لمعنى الدعاء، ولا لمعنى ما يقرؤه فيها من القرآن، كل هذا دليل على غفلته؛ ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: (ولا يزال الله مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت أعرض عنه، وقال: يا ابن آدم! إلام تلتفت، أنا خير مما التفت إليه؟)، لذلك فإن من علامات الغفلة أن يلتفت الإنسان في الصلاة، وأن يلتفت قلبه فيها أيضاً إلى أمور الدنيا، وأن يشتغل بأي شيء من المشاغل عن مناجاة الله عز وجل.

كذلك من علامات الغفلة: قسوة القلب وعدم الرحمة: فالإنسان الذي لا يرحم لا يرحمه الله تعالى، وليس أهلاً للرحمة، ورحمة الله واسعة قد وسعت السماوات السبع والأرضين السبع، وقال فيها: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:١٥٦]، ولكنّ كثيراً من الناس لا يستحقها، ولا تسعه رحمة الله بل هو مطرود عنها، نسأل الله السلامة والعافية؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لا يرَحم لا يُرحم)، فالذي لا يرحم ولا يجد في قلبه رقة، ولا إقبالاً على الخير؛ لا يمكن أن يكون أهلاً لرحمة الله سبحانه وتعالى، وهذا دليل على عدم خشيته لله.