للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمر الثالث: ما مكن الله الإنسان من النعم وكيفية استغلالها]

ثم إن الفرصة الثالثة والعمر الثالث هو ما مكن الله للإنسان في هذه الدار من المنافع والخيرات والنعم الكثيرة، وهي امتحان له، ولكل نعمة منها أجل مسمى.

فهذا اللسان يمكن أن يقول الآن: (لا إله إلا الله)، وسيحال بينه وبين ذلك، وهذه الأرجل يمكن أن تحمل الإنسان الآن إلى طاعة الله، كالصلاة في المسجد، أو سماع درس أو غير ذلك، وسيحال بين الإنسان وبين ذلك، وكذلك السمع، وكذلك البصر، وهكذا كل النعم التي عند الإنسان لها آجال محددة في علم الله، فأهل الإنسان وماله وديعة، ولذلك قال لبيد بن ربيعة رضي الله عنه: وما المال والأهلون إلا وديعة ولا بد يوماً أن ترد الودائع فلا بد أن ترد تلك الودائع، وعلى هذا فتمتع الإنسان بها له أجل محدد في علم الله تعالى لا يمكن أن يتجاوزه، ومن كان هكذا فعليه أن ينتهز الفرصة وأن يبادر، فما هي إلا مثل عاريةٍ، فإذا أعارك إنسانٌ آلةً لتستخدمها لمدة محددة فإنك ستبادر لاستغلالها قبل فوات الأوان، من أعارك سيارته لتبلغ عليها مكاناً معيناً وتعلم أنه سيأخذها عند وقت محدد فإنك لن تتركها قائمةً واقفة، بل لا بد أن تستغلها قبل أن يأتي الأوان، ولذلك فكل ما عندك من النعم هو مثل السيارة المستعارة، أعارك الله هذه النعم ولها آجال محددة يقبضها ويأخذها.