فالعلامات الكبرى هي التي تقترب من الساعة جداً، ومن أعظمها طلوع الشمس من مغربها، حيث تخرج من باب التوبة فيغلق، وذلك بعد ثلاث ليال لا يؤذن لها بالطلوع، ثم تطلع من مغربها، وكذلك خروج الدجال الذي هو أعظم فتنة في الدنيا، فما بين خلق آدم وقيام الساعة فتنة أعظم من فتنة المسيح الدجال، وهو يخرج بين الشام والعراق، فيعيث يميناً وشمالاً ويمكث في هذه الأرض أربعين يوماً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، ومعه فتنة عظيمة، فيمر على أهل البلد فيصدقونه وهم مفلسون مقحطون فيأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، ويمر على القرية الخاوية فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.
ويمر على أهل البلد فيكذبونه فيأمر السماء فتمسك ويأمر الأرض فتقحط، فتروح عليهم مواشيهم، لا تغض بلبن، وكذلك فإنه يقاتله الناس فيهزم كثيراً منهم ويتغلب عليهم، ولا يدخل مكة ولا المدينة، فعلى أنقابها ملائكة تحرسها، وتنزل مسالحه -أي جنوده- بالسباخ التي حول المدينة، ويصعد هو على جبل من جبالها، فيرى المسجد فيقول ذلك القصر الأبيض قصر محمد.
ثم يخرج إليه رجل من خير أهل الأرض، ويقول له: والله إنك للمسيح الدجال الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيذبحه ويقسمه نصفين، فيمشي بينهما ثم يناديه، فيقوم فيقول: والله ما ازددت فيك إلا يقيناً، فيريد أن يذبحه فيجعل الله ما بين ذقنه وترقوته نحاساً فلا يسلط عليه.
والدجال كثرت فيه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يذكره في كل خطبة، وقد ورد في بعض الأحاديث أن من علامات خروجه أن يغفل الأئمة عن ذكره على المنابر، إذا نسي الأئمة ذكره على المنابر فهذا دليل على اقتراب خروجه، وهو موجود اليوم محبوس في جزيرة في البحر، وقد مر به تميم الداري في الحديث الذي أخرجه مسلم في الصحيح، وهذا الحديث له ميزة عند المحدثين، وهو الحديث الذي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صحابي من أصحابه، ولا يوجد رواية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صحابي إلا هذا الحديث.
ويقتله المسيح عيسى بن مريم، ونزول المسيح شرط آخر من أشراط الساعة الكبرى، فإن المسيح قد رفعه الله إليه حين أراد اليهود قتله وصلبه، وسينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في وقت صلاة الفجر وهو بين ملكين، وكأنما خرج من باب ديماس إذا طأطأ رأسه سال منه جمان وإذا رفعه تحدر، فيدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، وإمامكم منكم، فيقول: يا نبي الله تقدم فصل، فيقول: ما أقيمت لي، ويصلي مأموماًَ، ولا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا مات في حينه، ونفسه يبلغ قدر ما يبلغ بصره.
ويقاتل المسيح الدجال ويدركه بباب لد فيقتله، وقد قيل في هيئة قتله له أنه يذوب كما يذوب الملح في الماء إذا رآه.
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم المسيح الدجال بوصفين عظيمين لم يصفه بهما أحد من الأنبياء السابقين: الوصف الأول: أنه مكتوب بين عينيه (ك ف ر)، أي: كفر أو كافر، يراها أهل الإيمان.
الوصف الثاني: أن كلتا عينيه عوراء، بمعنى معيبة، فاليمنى عوراء كأنها عنبة طافية، أي خارجة من محلها، ولكنها ترى، فهي قبيحة لكنها ترى، واليسرى كأنها عنبة طافئة، أي مشقوقة داخلة في محلها ولا ترى، وهذا الفرق بين:(كأنها عنبة طافئة)، وبين:(كأنها عنبة طافية)، فالطافية التي تطفو فوق الماء، وهذا إذا صار العنب فاسداً، وتغير لونه فإنه إذا وضع في الماء ارتفع فوقه، والأخرى كأنها عنبة طافئة أي قد انطفأت وخرقت وذهب ضوءها.