ثم بعد هذا يأتي المرض الثاني بعد الشرك، فيما يتعلق بالتعامل مع الله، وهو سوء الأدب مع الله: وهو مرض خطير من أمراض النفوس، وهو أنواع متعددة: منها سوء الأدب معه في العبادة: ومعناه: أن لا يؤدي الإنسان العبادة كما شرع الله، أو أن يؤديها وهو منصرف عنها بقلبه غير حاضر لها، فهذا سوء أدب مع الله لأنه يناديه ويناجيه ويخاطبه وهو منصرف القلب عنه:(ولا يزال الله مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإن التفت أعرض عنه وقال: يا ابن آدم! إلى من تلتفت؟ أنا خير مما التفت إليه).
ومن سوء الأدب معه: الاعتداء في الدعاء: بأن يسأل الإنسان ما لا يمكن أن يتحقق له، فهذا سوء أدب مع الله وقد حكى الله عن نوح عليه السلام أنه قال:{رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[هود:٤٧] وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتداء في الدعاء.
كذلك من سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى: الاعتراض على قدره بأي مرتبه من مراتبه، واستعظام شيء عليه في خلقه:{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣].
فالاعتراض على الله تعالى في أي شيء من فعله، وعدم الاستسلام لحكمه وقدره أو لأي شيء من فعله؛ هو سوء أدب معه سبحانه وتعالى وعدم معرفة به، ومن هنا يجب على الإنسان أن يتتبع أنواع سوء الأدب مع الله، فإن وجد نفسه مسيئاً للأدب مع الله في أي جانب من الجوانب عرف أنه مبتلى بمرض عضال، وأن عليه أن يعالج هذا المرض قبل أن يصل به إلى سوء الخاتمة، نسأل الله السلامة والعافية.