أما ما يتعلق بهدم الكعبة المشرفة؛ وكذلك خروج الرجل الذي اسمه (جهجاه) يسوق الناس بعصاه؛ وكذلك غنائم كلب ونحو ذلك فكلها متعلقة بتلك الفتن والملاحم التي تكون في آخر الزمان، فهي فتن وملاحم عظيمة جداً، ويبدو أن أكثرها ما بين الشام والعراق، والحجاز، فهي في هذه المنطقة بالخصوص، كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في الصحيح:(يوشك أن لا يجبى إلى العراق قفيز ولا درهم، قيل: من أين ذاك، قال من قبل الروم يمنعونه قفيزه ودرهمه فلا يجبى إليه قفيز ولا درهم)، حصار يضرب على المسلمين في العراق، فلا يجبى إليهم قفيز ولا درهم.
والقفيز: مكيال، ويمكن أن يعبر عنه اليوم بنحو البرميل أو غير ذلك، وكذلك الفتن التي تطلع من قبل العراق، ومنها: أن الفرات سيحسر عن كنز من ذهب، والفرات اليوم بدأ يحسر؛ لأن مياهه بدأت تصرف في تركيا وغيرها.
وكذلك هدم الكعبة وأن الأحباش هم الذين يهدمونها ولا يدرى هل سيأتون من الحبشة، أم من قبل جدة؟ لأن ظاهر الحديث أنهم يأتون من قبل جدة ويدخلونها، فيرمون حجارتها في البحر، ولا يدرى لعلهم مملوكون لأحد الملوك يدخلون في جيشه، كما هو ظاهر السياق، ويأخذون كنز الكعبة أي: ذهبها، ولا يدرى هل هذا الكنز هو باب الكعبة أم ميزابها، أم فيها كنز مجهول، الله أعلم، لكنهم يأخذون كنزاً من الكعبة، والأحاديث في هذا كثيرة، لكنها في كثير منها لا تكون صريحة الدلالة، وهذا مما يقتضيه الحال، مثل قول الله تعالى في الامتنان على عباده:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٨]، وكل الأحاديث والآيات الواردة في الفتن هي من قبيل المتشابه، الذي يجب أنه يقال فيه:{آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}[آل عمران:٧]، ولا يبحث في تأويله وهيئاته وكيفياته، إلا ما فهم الإنسان ورأى مما تحقق، فيزول عنه التشابه بالتدريج شيئاً فشيئاً، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً من الفتن التي شاهدناها ورأيناها، وذكر للصحابة فتناً دونها باب سيكسر، وهو قتل عمر بن الخطاب، فإذا قتل عمر فتحت أبواب الفتن كما قال حذيفة، وبداية ذلك: قتل عثمان رضي الله عنه، وعندما قتل رفع السيف ولم يغمد حتى قتل ثلاثون ألفاً، ثم بعد ذلك قتل الحسين رضي الله عنه وعندما قتل رفع سيف ولم يغمد حتى قتل سبعون ألفاً، وهكذا الفتن الأخرى، مثل: فتن المال وانتشاره، وفتن الملك وغير ذلك، كلها قد شاهدها الصحابة رضوان الله عليهم.