فمن أسباب الخشوع في الصلاة: أن يستحضر الإنسان ذلك في وقت طهارته، وأن يحافظ على الطهارة تمام المحافظة، فكيف يخشع من لا يؤدي طهارته، ولا يستتر من البول، ولا يأتي الصلاة إلا في ثياب متسخة، ولا يأخذ زينته عند كل مسجد؟ وإذا ذهب إلى المدرسة أو إلى العمل اتخذ ثياب زينته، فإذا ذهب إلى المسجد خرج في ثوب نومه، فكيف يخشع من كان هكذا؟ وإن سبب نقص خشوع كثير من الناس في الصلاة هو عدم حفاظهم على الطهارة، فهذه الطهارة سواء كانت من حدث أو من خبث، إنما جعلها الله سبحانه وتعالى إعداداً للصلاة وتهيئة لها، فطهارة الخبث إذا تركها الإنسان كان عرضة لعذاب القبر، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مر بقبرين جديدين فقال:(إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى إنه لكبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة).
وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قال:(تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه).
وإن كثيراً من الناس لا يستترون من البول، فترى بعضهم يبول في الطرق التي هي حق مشترك للعامة لا يحل استغلاله فيما يضر بالعامة، وهي من الملاعن التي يُلعن أصحابها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللاعنين، وعن الملاعن كلها.
وكذلك تجد كثيراً من الناس لا يحافظ على أداء طهارة الحدث؛ فهو يتيمم وهو قادر على الغسل أو الوضوء، وإذا تيمم أيضاً لم يحسن التيمم، فتراه يأخذ حجراً صغيراً فيمرر يديه عليه، ويظن هذا مجزئاً في التيمم، وهذا بعيد كل البعد عن التيمم الذي شرعه الله، فقد قال الله تعالى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة:٦]، وهو يمسح به هو على يديه، فهو لم يؤد ما أمره الله به؛ ولا يعتبر هذا تيمماً، ولا يجزئه.
وهكذا تجد كثيراً من الناس لا يبالي بنظافة ثيابه، مع أن الأصل أن يكون للإنسان ثوب للصلاة يعده لها، فهذه الصلاة هي أعظم أحوالك وشئونك، فأنت تعد ثوبك وتغسله وتنظفه إذا أردت الذهاب إلى العمل أو إلى المدرسة، فكيف لا تحضر ذلك للصلاة وللمسجد العظيم، وقد قال الله تعالى في كتابه:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف:٣١]؟! فهذا مما يهمله كثير من الناس، وهو مما يكون سبباً لنقص الخشوع.