للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طول الأمل]

كذلك فإن مما يحول بين الإنسان وبين التوبة طول الأمل، فكثير من الناس يسوف ويعقد الشيطان على قافية رأسه عقدة، ولا تزال هذه العقد تزداد، ففي كل نومة يعقد الشيطان ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: إن عليك ليلاً طويلاً فنم.

فيستيقظ الإنسان وهذه العقد موجودة، فإذا لم يحلها ونام نومة أخرى عقد الشيطان ثلاث عقد أخرى، وهكذا حتى يكون على الإنسان شبكة من عقد الشيطان، فتكبله هذه الشبكة، وتحيط به من كل جانب، وإنما تحل العقد العقدة الأولى بذكر الله، والثانية بالوضوء، والثالثة بالصلاة، فإذا حل الإنسان العقد تخلص من شراك الشيطان وحبائله، وأصبح طيب النفس مقبلاً على الطاعة، وإذا استمر زادت عقد الشيطان وأخلد إلى الأرض ودعاه هذا إلى ترك طاعة الله سبحانه وتعالى، ولا يزال الشيطان يغرَّه حتى يأتيه الموت وهو على حالة لم يكن يرضى أن يموت عليها.

ولذلك فإن كثيراً من الذين عرفت أحوالهم عند الموت حصلت لهم عجائب جداً، فأذكر أن شاباً خرج مسافراً في سفر معصية، وقد أطال له الشيطان أمله، وأخبره أنه شاب في مقتبل عمره، وأنه ما زال أمامه عمر طويل يمكنه أن يحسن وأن يتوب وأن يرجع بعد هذا، فسافر ذلك السفر، وكان على موعد فيه مع ملك الموت وهو لا يشعر، فلما جاءه الموت انكسر انكساراً شديداً وحصل له رعب شديد، وقال: أين الأمان الذي كنت أتمناه؟! وأين المشاريع التي كنت أخطط لها؟! وأين كل الآمال التي كنت أعلقها؟! قد ذهبت خلال لحظات يسيرة! ومثل هذا يحصل لمن كان يؤمل آمالاً كبيرة فيفاجئه الموت دون ذلك.