[ثم أصلي وأسلم على محمد وآله ومن تلا](ثم) أي: بعد حمد الله تعالى، وذكر (ثم) التي هي للعطف بانفصال؛ لأنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تقولوا ما شاء الله وفلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان)، وعندما قال الخطيب:(من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، أنكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بئس خطيب القوم أنت)، فبين له أنه لابد من الفصل، فلهذا قال: ثم بعد حمدي لله وثنائي عليه بما هو أهله أصلي وأسلم، أي: أسأل الله أن يصلي وأن يسلم.
وصلاة المخلوق إنما هي مسألة الله أن يصلي؛ لأن الصلاة هي رحمة الله المقرونة بالتبجيل، وهذه لا تستطيع أنت أن تنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما تستطيع أن تسأل الله أن ينزلها عليه، فالله قد استجاب ذلك.
والصلاة هي الدعاء المجزوم بإجابته، ومعنى ما يذكره العلماء من أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عمل متقبل قطعاً، المقصود بذلك أنه دعاء مستجاب قطعاً؛ لأن الله أخبر عن نفسه بأنه يصلي عليه، قال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦].
(وأسلم على محمد) وسماه بهذا الاسم الذي سماه به عبد المطلب فقيل له في ذلك فقال: رجوت أن يحمده الأولون والآخرون، فحقق الله رجاءه.
وهذا الاسم فيه كثير من المزايا العظيمة فهو دليل على كثرة حمده على كل لسان فإنه يحمده الأولون والآخرون في المحشر في مقام الشفاعة الكبرى، ولذلك أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله يكيد له، فإن قريشاً حين أرادوا أن يذموه ذموا مذمماً، وهو محمد وليس مذمماً.