الأدب العاشر: عدم التشدد مع المؤمنين: فالتشدد إنما يكون مع الكفار، أما المؤمنون فحقهم الرحمة كما قال الله تعالى:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح:٢٩]، وكما قال الله تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:٥٤].
فالتشدد مع المؤمنين والتساهل مع الكافرين إنما هو دأب الخوارج والملحدين؛ ولذلك فإن الخوارج ذبحوا عبد الله بن خباب بن الأرت رضي الله عنهما على شاطئ الفرات، فاستطال دمه حتى قطع النهر، وجلسوا تحت ظل نخلة لرجل من أهل الذمة يختصمون فيما بينهم، فقال بعضهم لبعض: إنكم قد جلستم في ظل هذه النخلة، ولم تستأذنوا صاحبها، وهو من أهل الذمة، فإما أن ترضوه، وإما أن تَكْفُرُوا، فذهبوا إليه يريدون أن يرضوه عن جلوسهم في ظل نخلته بما أراد من المال، فقال: عجبًا عمن يتورعون عن ظل نخلة لرجل يهودي ويستبيحون قتل عبد الله بن خباب!! ومثل هذا قول ابن عمر: (يا أهل العراق! تستبيحون قتل الحسين في الشهر الحرام، وتسألون عن دم البعوض في الحرم).