] بالنسبة لما يتعلق بالجواز -وهو القسم الثالث من أقسام الصفات- فيجوز في حقه فعل كل الأفعال وتركها، إلا ما ينافي ما ذكر من الكمال فالفعل الذي ينافي الكمال يستحيل في حقه، كاتخاذ الصاحبة والولد ونحو ذلك، فهذا فعل ينافي الكمال، فهو مستحيل في حقه، لكن ما عداه من الأفعال من إحداث أي شيء وإعدامه فهذا جائز في حقه.
لكن لا يجوز في حقه ما جاز في حق المحدثين من الصفات، والذي يجوز في حق المحدثين هو مثل الموت والفناء والافتقار والتأثر بالرضا، وكذلك الانشغال، والسرور بمعنى الفرح بحادث وعارض، أو الحزن بمعنى الألم والانقباض النفسي بسبب شيء، فهذا لا يجوز في حقه أن يوصف به.
بل يوصف به المخلوق فهو الذي يسر بما أوتي ويفرح به، ويحزن لما يصيبه، والله سبحانه وتعالى لا تحل به الحوادث والآفات فلذلك لا يوصف بمثل صفات المحدثين.
وقوله:(وليس جائز لدى من أنصفوا)، أي: أن المنصفين -وهم المثبتة الذين يثبتون صفات الله سبحانه وتعالى- ليس جائزاً عليه عندهم ما عليهم جاز، أي: ما على المحدثين جاز من الصفات.
ثم قال:[عليه ما عليهم جاز ولا يشبهه من خلقه شيء علا] كذلك لا يشبهه شيء من خلقه، وكما أنه لا يشبهه شيء فهو لا يشبه شيئاً من خلقه.
وقوله:(علا) بمعنى: تعالى، وهذا ثناء على الله سبحانه وتعالى بعد ذكر صفاته، وهو المستحق للثناء.
يقول:[وكن عمن يشبهه منزهه] كذلك يجب تنزيهه عن المشابهة حتى مع إثبات الصفات، فنثبت له ما أثبته لنفسه مع تنزيهه عن الشبه، فقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] تقييد لقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١]، فأثبت سبحانه لنفسه السمع والبصر، لكن ذلك لا يشابهه سمع المحدثين ولا أبصارهم، فكل صفة أثبتت لله سبحانه وتعالى يجب أن تنزه عن أن تكون مشابهة لصفات المخلوقين، وإن اشتركت معها بالاسم لكنها لا تشابهها بوجه من الوجوه.