أما النوع الثاني من أنواع العبادات في الصلاة فهو العبادات القولية.
وهذه من أعظمها التكبير، فالتكبير يقتضي من الإنسان ألا يلتفت إلى ما سوى الله، فالذي يقول:(الله أكبر) بلسانه وبقلبه يعلم أن ما سواه لا يساوي شيئاً، وأن الإقبال عليه يقتضي منه تمام الخشوع والمذلة وتمام الخوف منه ورجائه والإعراض عما سواه.
ومن هنا فإن هذه الكلمة إذا قالها العبد ملأت ما بين السماء الأرض، وهي رمز القوة في الإسلام، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم جيوشه إذا ارتفعوا أن يكبروا وإذا انخفضوا في بطون الأودية أن يسبحوا، فإذا واجه الإنسان أي شيء يستعظمه ويستكبره فإن عليه أن يقول: الله أكبر.
فإذا صعد جبلاً أو صعد مكاناً مرتفعاً فعظم في نفسه ينبغي أن يزيل عظمة الحادث من نفسه ويتطهر منها فيقول: الله أكبر.
وإذا نظر إلى أي شيء يعجبه يقول: الله أكبر.
فيتصاغر لديه ما هو فيه، وإذا كان في مكان منخفض سبح الله سبحانه وتعالى وعظمه؛ لأن هذا الانخفاض يذكره بخلاف الصفة وضدها، فالله مخالف للحوادث وهو العلي الحميد، فيذكره بذلك فيسبحه سبحانه وتعالى ويعظمه.
إن التكبير ينبغي أن يكون بقلب حاضر، وأن يدرك الإنسان معناه، وأن يستشعر عظمة من يناديه إذا كبره، وأن يستشعر أن تحريم الصلاة التكبير، وأنه الآن دخل في حريم عظيم، فإنه إذا كبر دخل في مكان في حصن مغلق لا ينبغي أن يخترقه شيء، وإذا كان كذلك تحصن من الشيطان الرجيم ومن غوائله ونفخه ونفثه ووساوسه، وكذلك تجنب وساوس النفوس وأمور الدنيا، وحاول أن يتخلص من كل ذلك وأن يقبل على الله.