[وجوب لزوم المنهج الوسطي في العبادة وهو المنهج النبوي]
فلابد من لزوم المنهج الوسطي الذي ليس فيه إفراط ولا تفريط في جانب التعبد.
وليعلم الإنسان أن خير العبادة عبادة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن تلك العبادة متنوعة بتنوع الحال، وأنها مترتبة على الأوقات والأزمنة، فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله في الصباح حاول أن تقوله في الصباح، وما كان يقوله في المساء حاول أن تقوله في المساء، وما كان يفعله إذا أوى إلى فراشه فحاول أن تفعله، وما كان يفعله في قيام الليل فحاول أن تفعله، وما كان يفعله من الرواتب، وما كان يفعله في الحضر والسفر من العبادات فحاول أن تؤديه، وبذلك تكون قد لزمت سواء الطريق، ولا تجد ما يتعب بدنك ولا ما يتعب عقلك ولا ما يتعب روحك، ولا تكون مقصراً، بل تكون من المزادين في القرب، الذين يسيرون سيراً وئيداً يؤدي إلى المقصود دون استعجال، وبكل تأنٍ وتؤدة.
وهذا ما يحبه الله ورسوله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ أشج عبد قيس:(إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة).
فإذا كان الإنسان متأنياً في عبادته يؤديها بصدق وإخلاص وبحضور بال، ويكلف منها ما يستطيع وما يطيق، ولم يكن من الذين يريدون خرق المسافات وقطع الطريق في أسرع الأوقات، الذين لا يبقون ظهراً ولا يقطعون مسافة؛ فإنه بذلك سيصل إن شاء الله تعالى إلى المقام المرضي عند الله، ولا يزال في زيادة وترق طيلة حياته، فإذا عجز عن شيء كتب له كاملاً كما كان يفعله في صحته، كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يقول الله تعالى لملائكته إذا مرض العبد أو سافر: انظروا ما كان يفعله عبدي في صحته وحضره فاكتبوه له).
فالله سبحانه وتعالى لا يمل حتى تملوا، وهو غني عنا وعن عبادتنا، ولا يمكن أن نتقرب إليه بما لم يشرع لنا، فالذي يمكن أن تضره ويمكن أن تنفعه يمكن أن تتقرب إليه بنفع لم يأمرك به، ويمكن أن ترفع عنه ضرراً لم يأمرك برفعه، لكن الذي لا يمكن أن تنفعه ولا أن تضره، لا يمكن أن تتقرب إليه إلا بما شرع لك وبين، ولا يمكن أن تتجاوز ذلك بحال من الأحوال.