لَحْمِ الْمَعْزِ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لَحْمَ ضَأْنٍ أَوْ لَحْمَ إبِلٍ أَوْ لَحْمَ بَقَرٍ؟ .
قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْت: لِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ ذَلِكَ أَلَيْسَ هَذَا بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ قَالَ: لَيْسَ هَذَا بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِأَنَّ هَذَا نَوْعٌ وَاحِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمَ الْحَيَوَانِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهُوَ إذَا أَخَذَ مَكَانَ مَا سَلَّفَ فِيهِ مِنْ لَحْمِ الضَّأْنِ لَحْمَ مَعْزٍ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَوْ سَلَّفَ فِي شَحْمٍ فَأَخَذَ مَكَانَهُ لَحْمًا فَكَأَنَّهُ أَخَذَ مَا سَلَّفَ فِيهِ.
قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّفَ فِي مَحْمُولَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مَكَانَهَا سَمْرَاءَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مَكَانَهَا شَعِيرًا؟
قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكُلُّ هَذَا إنَّمَا يَجُوزُ بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ بِنَوْعِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَلَا بِمِثْلِ كَيْلِهِ وَلَا صِفَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي عَلَيْهِ ذَلِكَ بِمِثْلِ كَيْلِهِ وَصِفَتِهِ صَارَ ذَلِكَ حَوَالَةً، وَالْحَوَالَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْتَالَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَبَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ.
قُلْت: وَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ أَنْ يَبِيعَ هَذَا اللَّحْمَ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ بِشَحْمٍ مَنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ بَعْدَمَا حَلَّ الْأَجَلُ؟ .
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كُنْت إنَّمَا تَبِيعُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِي لَك عَلَيْهِ السَّلَفُ بَعْدَمَا حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ بَدَلٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ الرَّجُلُ اللَّحْمَ بِالشَّحْمِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَسْلَمْت فِي طَعَامِ مَحْمُولَةٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَخُذْ بِهِ إنْ شِئْت سَمْرَاءَ وَإِنْ شِئْت شَعِيرًا وَإِنْ شِئْت سُلْتًا مِثْلَ مَكِيلَتِك يَدًا بِيَدٍ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كُنْت أَقْرَضْت مَحْمُولَةً فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْت مِنْهُ سَمْرَاءَ مِثْلَ مَكِيلَتِك الَّتِي أَقْرَضْتَهُ يَدًا بِيَدٍ أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ حِينَ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَا خَيْرَ فِيهِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ فِي سَلَفٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ كُنْت إنَّمَا بِعْتَهُ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ طَعَامًا مِثْلَهُ فِي صِفَتِهِ وَكَيْلِهِ إنْ كُنْتَ بِعْتَهُ مَحْمُولَةً فَمَحْمُولَةً وَإِنْ سَمْرَاءَ فَسَمْرَاءَ وَإِنْ كُنْتَ إنَّمَا بِعْتَهُ مَحْمُولَةً إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَرَدْت أَنْ تَأْخُذَ بِثَمَنِ الطَّعَامِ الَّذِي لَك عَلَيْهِ سَمْرَاءَ أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا مِثْلَ مَكِيلَتِك الَّتِي بِعْته، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّك قَدْ أَخَذْت بِثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا غَيْرَ الَّذِي بِعْته فَكَأَنَّك بِعْته الْمَحْمُولَةَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا وَالثَّمَنُ مُلْغًى فِيمَا بَيْنَكُمَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute