قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كُنْت إنَّمَا بِعْته السَّمْرَاءَ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْت مِنْهُ مَحْمُولَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَأْخُذُ دُونَ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ لِأَنَّكَ كَأَنَّكَ أَعْطَيْتَهُ سَمْرَاءَ يَضْمَنُهَا إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ مَحْمُولَةً إذَا حَلَّ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي التَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ وَالْبَرْنِيِّ وَأَلْوَانِ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَلْوَانِهَا فِي اقْتِضَاءِ الطَّعَامِ مِنْ الطَّعَامِ قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَالزَّبِيبُ الْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ كَذَلِكَ أَيْضًا مِثْلُ مَا وَصَفْت لَك مِنْ التَّمْرِ وَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَلَقَدْ خَافَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي تَسْلِيفِ الدَّنَانِيرِ فِي عَرْضٍ إنْ قَالَ: وَمِمَّا يُشْبِهُ الرِّبَا أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ سِلْعَةٍ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَّتْ سِلْعَتُك أَخَذْت بِهَا مِنْ بَيْعِك ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَكْثَرَ مِمَّا كُنْت سَلَّفْتَهُ.
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَأَنَا أَخْشَى أَيْضًا إذَا أَخَذْت أَقَلَّ مِمَّا أَعْطَيْته الذَّرِيعَةَ وَالدَّخِلَة فَإِمَّا أَنْ تَأْخُذَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْت فَإِنَّمَا تِلْكَ إقَالَةُ وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ كَأَنَّكَ أَسْلَفْتَ ذَهَبًا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقًا فِي وَرِقٍ وَأَلْغَيْتَ السِّلْعَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَهِيَ الْأَثْمَانُ وَلَيْسَتْ بِمَثْمُونَةٍ، فَكَيْفَ بِمَا يُشْتَرَى وَهُوَ مَثْمُونٌ؟
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا بِذَهَبٍ إلَيْهِ أَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا قَالَ مَالِكٌ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَمَّرَ رَجُلًا وَكَّلَهُ فِي تَقَاضِي دَيْنٍ لِرَجُلٍ تُوُفِّيَ مِنْ ثَمَنِ طَعَامٍ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ طَعَامًا، وَقَالَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَبُكَيْر بْنُ الْأَشَجِّ وَأَبُو الزِّنَادِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ، وَقَالُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ بِالثَّمَرِ إلَى أَجَلٍ فَمِنْ هَاهُنَا أَكْرَهُهُ.
قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَأْخُذْ إلَّا مِثْلَ طَعَامِك أَوْ عَرْضًا مَكَانَ الثَّمَنِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَقَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ مَكِيلَةً بِمَكِيلَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute