وَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ هَذَا الْقَوْلَ الْآخَرَ فَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ فِي الْخِيَارِ يَرُدُّونَ جَمِيعًا أَوْ يُمْسِكُونَ جَمِيعًا وَلَا بُدَّ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ أَنْ يَرُدُّوا مَعَ أَصْحَابِهِمْ أَوْ يَأْخُذُوا السِّلْعَةَ كُلَّهَا بِالثَّمَنِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا؟ قَالَ: فَالْوَصِيُّ وَلِيَ النَّظَرَ لَهُمْ عَلَى الِاجْتِهَادِ بِلَا مُحَابَاةٍ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالسُّلْطَانُ يَلِي النَّظَرُ لَهُ وَأَنْ يَجْعَلَ نَاظِرًا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْوَصِيِّ يَنْظُرُ بِالِاجْتِهَادِ بِلَا مُحَابَاةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ وَصِيٌّ وَمَعَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مَنْ لَا وَصِيَّةَ لِلْوَصِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلِي نَفْسَهُ؟
قَالَ: فَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا كِبَارًا مَالِكِينَ لِأَنْفُسِهِمْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا كُلُّهُمْ وَلَهُمْ وَصِيَّانِ؟ فَقَالَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ مِنْ رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ بِوَجْهِ الِاجْتِهَادِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَاسْتَشَارَ فَمَنْ صَوَّبَ لَهُ رَأْيَهُ مِنْهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَاتَّبَعَ رَأْيَهُ، وَلَيْسَ الْوَصِيَّانِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ يَلُونَ أَنْفُسَهُمْ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَحْكُمُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالْوَصِيَّانِ إنَّمَا يَحْكُمَانِ فِي مَال غَيْرِهِمَا، فَذَلِكَ اخْتَلَفَا فِي هَذَا وَكَانَ السُّلْطَانُ هُوَ الْمُجَوِّزُ لِصَوَابِ الْمُصِيبِ مِنْهُمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مَعَ هَذَيْنِ الْوَصِيَّيْنِ وَارِثٌ كَبِيرٌ يَلِي نَفْسَهُ؟ فَقَالَ لِي إنْ اجْتَمَعُوا عَلَى رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ جَازَ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا أَرُدُّ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَنَا آخُذُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الَّذِي قَالَ: أَنَا أَرُدُّ هُوَ الْوَارِثُ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا بُدَّ لِلْوَصِيَّيْنِ مِنْ أَنْ يَأْخُذَا مُصَابَتَهُ أَوْ يَرُدَّا مَعَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَاقِي مِنْ الْبَائِع أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ مُصَابَةَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مُصَابَةَ الَّذِي اخْتَارَ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ الْأَخْذَ وَأَرَادَ الْوَصِيَّانِ الرَّدَّ فَلَا بُدَّ لِلْوَارِثِ الَّذِي يَلِي نَفْسَهُ مِنْ أَنْ يَرُدَّ مَعَهُمَا أَوْ يَأْخُذَ مُصَابَةَ الَّذِي اخْتَارَ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَمُصَابَةُ الْوَرَثَةِ مَعَهُ الْمَوْلَى عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَاقِي مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدَعَهُ وَيَأْخُذَ مُصَابَتَهُ فَقَطْ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ: أَنَا أَرُدُّ الْوَارِثَ الَّذِي يَلِي نَفْسَهُ وَأَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى الرَّدَّ أَفْضَلَ كَلَّفَ الْوَصِيَّ الَّذِي قَالَ: أَرُدُّ الْإِجَازَةَ مَعَ صَاحِبِهِ. وَإِنْ رَأَى الْإِجَازَةَ أَفْضَلَ كَلَّفَ الْوَصِيَّ الَّذِي قَالَ: أَرُدُّ الْإِجَازَةَ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بُدٌّ مِنْ أَنْ يَرُدَّا كَمَا رَدَّ الْوَارِثُ أَوْ يَأْخُذَ مُصَابَةَ الْوَارِثِ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَاقِي مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدَعَهُمَا وَيَأْخُذَ مُصَابَةَ الَّذِينَ يَلُونَهُمَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا يَكُونُ لِلْوَصِيَّيْنِ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ مُصَابَةَ الْوَارِثِ الَّذِي اخْتَارَ الرَّدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute