للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الثِّيَابُ الَّتِي فِي الْعِدْلِ فَكَانَتْ أَصْنَافًا مِنْ الثِّيَابِ اشْتَرَيْت خَمْسِينَ ثَوْبًا اخْتَارَهَا؟ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ صِنْفًا يَخْتَارُ مِنْهُ خَمْسِينَ ثَوْبًا أَوْ يَشْتَرِطُ فَيَقُولُ: أَخْتَارُ مِنْ صِنْفِ كَذَا وَكَذَا ثَوْبًا وَمَنْ صِنْفِ كَذَا وَكَذَا ثَوْبًا حَتَّى يُفْرِدَ الْخَمْسِينَ ثَوْبًا وَيَذْكُرُ أَصْنَافَهَا كُلَّهَا.

قُلْتُ: وَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ أَكْسِيَةَ خَزٍّ وَحَرِيرٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ مَا يَخْتَارُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَلِمَ يُجَوِّزُ مَالِكٌ هَذَا الْبَيْعَ إذَا اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنْ أَخْتَارَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى شَيْءٍ يَخْتَارُهُ بِعَيْنِهِ؟

قَالَ: إنَّمَا يُجَوِّزُهُ مَالِكٌ لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مِائَةِ ضَائِنَةٍ خَمْسِينَ كَبْشًا يَخْتَارُهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُبَاعُ إذَا كَانَ كُلُّ مَا يُبَاعُ صِفَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنْ يَخْتَارَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا لَا بُدَّ لِلنَّاسِ فِي بُيُوعِهِمْ مِنْهُ إلَّا الطَّعَامَ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ فِي شَجَرٍ وَلَا صُبُرٍ وَلَا فِي نَخْلٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُ كَانَ وَجَبَ لَهُ غَيْرُ الصِّنْفِ الَّذِي أَخَذَ مِنْ الطَّعَامِ فَتَرَكَهُ وَأَخَذَ هَذَا الَّذِي أَخَذَ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَا يَخْتَارُ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ إبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَخْتَارُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، فَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إذَا اخْتَلَفَتْ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِائَةَ شَاةٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِنْهَا شَاةً أَيَّتَهنَّ شَاءَ أَيَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ اشْتَرَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ شَاةً مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ شَاةً مِنْهَا أَيَّتَهَا شَاءَ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عِشْرِينَ شَاةً مِنْ مِائَةِ شَاةٍ أَوْ ثَلَاثِينَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَذَا أَيْضًا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ هَذِهِ الْمِائَةَ كُلَّهَا إلَّا شَاةً وَاحِدَةً يَخْتَارُهَا الْبَائِعُ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا سِوَى ذَلِكَ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ يَقُولُ: أَخْتَارُ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَبِيعُكَ وَاحِدَةً مِنْ شِرَارِهَا أَوْ عَشْرَةً مِنْ شِرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ وَلَا الْبَائِعُ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا؟

قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالشَّاةِ الَّتِي اسْتَثْنَى شَرِيكًا لَهُ يَكُونُ لَهُ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>