قُلْتُ: وَالثِّيَابُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتَ لِي فِي الْغَنَمِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الثِّيَابِ: إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ كَانَ شَرِيكًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْحَمِيرُ وَالدَّوَابُّ إذَا كَانَتْ صِنْفًا وَاحِدًا اشْتَرَاهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَاسْتَثْنَى مِنْهَا الْبَائِعُ وَاحِدًا أَوْ عَشْرًا أَوْ عِشْرِينَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ شَرِيكًا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ؟
قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي اشْتَرَطَ الْبَائِعُ جُلَّهَا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ ثِيَابًا بِثَمَنٍ وَاشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا؟ .
قَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَطَ رَقَمًا بِعَيْنِهِ يَخْتَارُ مِنْهُ فَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي جُمْلَةِ الثِّيَابِ بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ كَانَ الْبَيْعُ فِيهِ جَائِزًا وَإِنَّمَا أَبْقَى لَهُ الْبَائِعُ جُزْءًا وَاحِدًا فَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُبْتَاعُ الْخِيَارَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِذَلِكَ الْجُزْءِ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ عَشْرَ نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهَا؟ .
قَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا، أَلَا تَرَى إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَبِيعُك السَّمْرَاءَ تِسْعَةَ آصُعٍ بِدِينَارٍ وَالْمَحْمُولَةَ عَشْرَةً بِدِينَارٍ أَيَّهمَا شِئْت فَخُذْ فَقَدْ وَجَبَ لَكَ إحْدَاهُمَا فَلَا تَقْرَبَنَّ ذَلِكَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ يَفْسَخُ السَّمْرَاءَ فِي الْمَحْمُولَةِ وَالْمَحْمُولَةَ فِي السَّمْرَاءِ، وَفِيهِ أَيْضًا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَذَا التَّمْرُ خَمْسَةَ عَشْرَ بِدِينَارٍ وَهَذِهِ الْحِنْطَةُ عَشْرَةٌ بِدِينَارٍ فَأَيُّهُمَا شِئْت فَخُذْ فَقَدْ وَجَبَ لَكَ إحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ فَلَا تَقْرَبْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بَيْعَتَيْنِ فَلَا يَصْلُحُ لَهُ فَسْخُ إحْدَاهُمَا بِصَاحِبَتِهَا قِبَل أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ الْحِنْطَةَ ثُمَّ فَسَخَهَا ثُمَّ أَخَذَ مَكَانَهَا تَمْرًا وَالتَّمْرُ بِالْحِنْطَةِ بَيْعٌ مِثْلُ الْحِنْطَةِ بِالذَّهَبِ وَمِثْلُهَا بِالْوَرِقِ وَلَيْسَتْ تَقْضِي مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ بِهَا مَكَانَهَا إلَّا بَيْعًا بِبَيْعٍ وَيَدًا بِيَدٍ، وَإِذَا خَيَّرَهُ هَكَذَا بَيْنَ سَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ أَيَّهُمَا شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ أَخَذَ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ إحْدَاهُمَا فَهُوَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعٌ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ إحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ فَفَسَخَ إحْدَاهُمَا فِي صَاحِبَتِهَا أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ تِسْعَةُ آصُعٍ مِنْ السَّمْرَاءِ بِدِينَارٍ فَهُوَ يَدَعُ التِّسْعَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْ السَّمْرَاءِ بِعَشْرَةِ آصُعٍ مِنْ الْمَحْمُولَةِ أَوْ يَدَعُ الْعَشَرَةَ آصُعٍ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْ الْمَحْمُولَةِ بِتِسْعَةِ آصُعٍ مِنْ السَّمْرَاءِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ تِسْعَةً بِعَشْرَةٍ وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهُوَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمِثْلُهُ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ مَنْ نَخْلِهِ عَشْرَةَ أَعْذُقٍ وَيَبِيعَ ثَمَرَهَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute