وَمِائَةٌ وَإِلَى قِيمَتِهِ مَعِيبًا يَوْمَ قَبْضِهِ، فَزَعَمْتُ أَنَّ قِيمَتَهُ وَبِهِ الْعَيْبُ مِائَةُ دِينَارٍ فَصَارَ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا وَبَيْنَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا الثُّلُثُ فَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ ثُلُثَا الْمِائَةِ وَيَرْجِعُ مُشْتَرِي الْعَبْدِ حِينَ فَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ بِمَوْتٍ أَوْ بِعَيْبٍ مُفْسِدٍ بِثُلُثِ الْمِائَةِ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ نَقَّصَ الْعَبْدَ الثُّلُثَ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَخَذَ ثُلُثَ الْمِائَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ دَفْعَهُ إلَى الْمُبْتَاعِ فَلِذَلِكَ يَرْجِعُ بِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ كُلُّهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَبِهِ عَيْبٌ دَلَّسَهُ مِثْلُ الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ أَوْ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ، فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَمُتْ أَوْ تَمَادَى بِالْعَبْدِ الْمَرَضُ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ أَبِقَ فَذَهَبَ فَلَمْ يَرْجِعْ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الْعُيُوبِ أَنَّهَا كَانَتْ بِهِ حِينَ بَاعَهُ وَعَلِمَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ فَيَأْخُذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إبَاقِ الْعَبْدِ وَلَا مَوْتِهِ وَلَا قَطْعِ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ آبِقًا فَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ رُدَّ فِي الْقَطْعِ كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ أَوْ حَدَثَ لَهُ فِي مَرَضِهِ عَيْبٌ آخَرُ أَوْ أَعْوَرَتْ عَيْنُهُ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْمَرَضِ فَهَذَا لَا يَرُدُّهُ إلَّا وَمَعَهُ مَا نَقَصَهُ كَمَا فَسَّرَتْ لَكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، أَوْ يُمْسِكُهُ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
وَمَا كَانَ مِنْ سَبَبِ الْعَيْبِ الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ أَنَّهُ دَلَّسَ لَهُ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ أَبِقَ مِنْهُ أَوْ قُطِعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ كُلَّهُ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَبِهِ عَيْبٌ ثُمَّ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي ابْتَاعَهُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ عَلَى قَدْرِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ. وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَيَطَؤُهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا الْعَيْبُ قَالَ: إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَرَدَّ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا رَدَّهَا وَرَدَّ الْعُشْرَ. وَكِيعٌ، عَنْ إسْرَائِيلَ وَشَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: يَرُدُّ الْعُشْرَ وَنِصْفَ الْعُشْرِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا فِي الْعُشْرِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ لَا يَأْخُذُ بِهِ وَإِنَّمَا يَقُولُ: مَا نَقَصَهَا مِنْ وَطْئِهِ حُجَّةٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ إيَّاهَا، وَإِنْ دَخَلَهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute