وَطْئِهِ نَقْصٌ فَوْتًا لَا يُرَدُّ مِثْلُ الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ، وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، فَهَذَا عُمَرُ وَشُرَيْحٌ قَدْ رَدَّاهَا عَلَى الْبَائِعِ، فَلِذَلِكَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْعَيْبَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ دَخَلَهَا عِنْدَهُ النَّقْصُ، وَيَغْرَمُ مَا نَقْصَهَا إذَا أَرَادَ رَدَّهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيَرْجِعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ فَذَلِكَ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَبِهِ عَيْبٌ ثُمَّ يُصِيبُهُ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي ابْتَاعَهُ أَنَّهُ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَبْدِ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ: بِبَيْعِ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْرِقُ وَهُوَ بِيَدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ثُمَّ يَجِدُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ سَارِقًا مَعْلُومًا ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَأَنَّ الَّذِي بَاعَهُ كَتَمَهُ وَدَلَّسَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَمْ يَبْلُغْنَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَقِيلَ لِابْنِ شِهَابٍ: فَإِنْ أَبِقَ مَنْ عِنْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ أَنَّهُ كَانَ آبِقًا مَعْلُومًا ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ وَأَنَّهُ كَتَمَهُ وَدَلَّسَهُ لَهُ؟ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: نَرَى أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ إلَى مَنْ دُلِّسَ لَهُ وَيَتْبَعَ الْمُدَلِّسَ الْعَبْدُ وَيَرُدَّ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ غَرَّهُ بِأَمْرٍ أَرَادَ أَنْ يُتْلِفَ فِيهِ مَالَهُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَذَلِكَ إذَا دَلَّسَ لَهُ بِالْجُنُونِ فَخُنِقَ حَتَّى مَاتَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ، عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ السَّبْعَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: كُلُّ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ دَلَّسَ فِيهَا بِعَاهَةٍ فَظَهَرَتْ تِلْكَ الْعَاهَةُ وَقَدْ فَاتَ رَدُّ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا بَيْنَ قِيمَةِ ذَلِكَ الرَّأْسِ وَبِهِ تِلْكَ الْعَاهَةِ، وَبَيْنَ قِيمَتِهِ بَرِيئًا مِنْهَا، فَإِنْ مَاتَ ذَلِكَ الرَّأْسُ مِنْ تِلْكَ الْعَاهَةِ الَّتِي دَلَّسَ بِهَا فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ مِنْهُ وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَالْعَبْدُ يَبْتَاعُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ أَوْ الْجَارِيَةُ فَيَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الصِّنَاعَةِ فَيَعْمَلُ الْبُنْيَانَ أَوْ يَكُونُ صَائِغًا أَوْ صَبَّاغًا أَوْ نَجَّارًا فَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ فَيَجِدُ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهُ أَتَرَى ذَلِكَ لَهُ أَمْ تَرَاهُ فَوْتًا؟ قَالَ: لَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْجَارِيَةُ يَشْتَرِيهَا الْقَوْمُ فَتُسْتَحَقُّ عِنْدَهُمْ فَتُنْصَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute