للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحِضْ عِنْدَك هَذَا الشَّهْرَ يُوشَكُ أَنْ تَحِيضَ عِنْدَك الشَّهْرَ الدَّاخِلَ، أَتَرَى أَنْ يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِحَبْسِهَا وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا لَعَلَّهَا تَحِيضُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ أَمْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَرَرٍ أَخَّرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَقَعُ الضَّرَرُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ عِنْدِي قَبْلَ أَنْ أَبِيعَكهَا بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّمَا حَدَثَ بِهَا هَذَا الدَّاءُ عِنْدَكَ فَلَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ، قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ تَحِضْ فَذَلِكَ عَيْبٌ يَرُدُّهَا بِهِ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الْبَائِعِ هَاهُنَا لَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ إنَّمَا تَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي إذَا تَمَّ الِاسْتِبْرَاءُ فَهِيَ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا هَذَا الدَّاءُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّمَا حَدَثَ وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْحَيْضَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَوَارِي اللَّاتِي يَجُوزُ بَيْعُهُنَّ عَلَى غَيْرِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَتُبَاعُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْدُثُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا عَيْبٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ إيَّاهَا كَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَقَطَعْتُهُ ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ؟ قَالَ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَمَا نَقَصَ التَّقْطِيعَ رَدَّهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ.

قُلْتُ: فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الَّذِي قَطَعَ الثَّوْبَ أَنَّ الْبَائِعَ حِينَ بَاعَهُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْيَمِينُ.

قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ رَآهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَأُنْسِيَهُ حِينَ بَاعَهُ حَتَّى قَطَعَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ بِهِ أَوْ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ نَسِيتُ الْعَيْبَ أَنْ أُخْبِرَكَ بِهِ حِين بِعْتُكَ أَتَرَاهُ مِثْلَ الْمُدَلِّسِ أَوْ مِثْلَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ أُنْسِيَ الْعَيْبُ حِينَ بَاعَهُ وَيَكُونُ مِثْلَ الَّذِي لَمْ يُدَلِّسْ لَا يَرُدُّهُ إلَّا وَمِثْلَ مَا نَقَصَ الْقَطْعُ مِنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ جَارِيَةً فَفَطِنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْبَائِعَ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ بِهَا يَوْمَ بَاعَهَا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا الْعَيْبَ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَوْلِهِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عَيْبٌ يَوْمَ بَاعَهُ إيَّاهَا بَتًّا وَلَا عَلَى عِلْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>