للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَكُونَ الْعَيْبُ الَّذِي يَدَّعِيهِ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا مَعْرُوفًا يُرَى فِيهَا فَيَلْزَمُهُ إنْ كَانَ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَحْدُثُ مِثْلُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَكَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْفَى وَيُرَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ.

قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَحْلِفُ فِي الْعَيْبِ إذَا كَانَ بَاطِنًا عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى الْبَتَاتِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ عَبْدًا فَأَصَابَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ بِهِ عِنْدِي وَأَنْكَرْت أَنَا الْعَيْبَ وَمِثْلُهُ يَحْدُثُ كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ أَعَلَى عِلْمِهِ أَمْ عَلَى الْبَتَاتِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا يَخْفَى مِثْلُهَا أُحْلِفَ عَلَى الْبَتَاتِ قَالَ:، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَخْفَى أُحْلِفَ عَلَى عِلْمِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ.

قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إنْ أَحْلِفَهُ عَلَى الْعَيْبِ فَحَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَصَابَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْيَمِينِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ الْيَمِينِ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَرَى إنْ اسْتَحْلَفَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَجَدَهَا رَدَّهُ وَلَمْ يُبْطِلْ حَقَّهُ الْيَمِينُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِبَيِّنَتِهِ فَاسْتَحْلَفَهُ وَرَضِيَ بِالْيَمِينِ وَتَرَكَ الْبَيِّنَةَ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا وَفِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ

قُلْتُ: فَإِنْ طَعَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ الْعَبْدَ آبِقًا أَوْ مَجْنُونًا أَيَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى عِلْمِهِ أَمْ عَلَى الْبَتَاتِ؟ قَالَ: لَا يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَا عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَكَ آبِقًا أَوْ مَجْنُونًا وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ يَمِينُهُ، وَلَوْ أُمْكِنَ مِنْ هَذَا النَّاسِ لَدَخَلَ عَلَيْهِمْ الضَّرَرُ الشَّدِيدُ يَأْتِي الْمُشْتَرِي إلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَهُ: احْلِفْ لِي أَنَّ عَبْدَكَ هَذَا مَا زَنَى عِنْدَكَ وَلَا سَرَقَ عِنْدَكَ وَلَا عِلْمَ لِلنَّاسِ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَقِيقِهِمْ وَهَذَا يَدْخُلُ مِنْهُ عَلَى النَّاسِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَلَوْ جَازَ هَذَا لَاسْتَحْلَفَهُ الْيَوْمَ عَلَى الْإِبَاقِ ثُمَّ غَدًا عَلَى السَّرِقَةِ ثُمَّ أَيْضًا عَلَى الزِّنَا ثُمَّ أَيْضًا عَلَى الْجُنُونِ. وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَلَمْ يُقِمْ عِنْدَهُ إلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَبِقَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَبِقَ عِنْدِي فِي قُرْبِ هَذَا إلَّا وَقَدْ كَانَ عِنْدَك آبِقًا فَاحْلِفْ لِي فَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى عَلَيْهِ يَمِينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>