للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ أَيَدْخُلَانِ عَلَى هَؤُلَاءِ فِيمَا صَارَ لَهُمْ مَنْ الدِّيَةِ؟ .

قَالَ: نَعَمْ كُلُّ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَإِنْ صَالَحُوا فِيهِ عَلَى دِيَاتٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْرُوثٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفَرَائِضِهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَشْهَبُ، قَالَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْن أَبِي سَلَمَةَ، فَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَإِنَّ لَهِيعَةَ ذَكَرَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَمَّنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقَبِلَتْ الْعَصَبَةُ الدِّيَةَ أَهِيَ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً أَمْ هِيَ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؟ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هِيَ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجِرَاحَ إذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ رِجَالٍ شَتَّى أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ مَنْ شَاءَ وَيَقْتَصَّ مِمَّنْ شَاءَ يَعْفُوَ عَمَّنْ شَاءَ؟

قَالَ: نَعَمْ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْقَتْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اجْتَمَعَ عَلَى قَطْعِ يَدَيَّ رِجَالٌ قَطَعُوهَا عَمْدًا أَيَكُونُ لِي أَنْ أُصَالِحَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَقْطَعَ يَدَ مَنْ شِئْتُ وَأَعْفُوَ عَمَّنْ شِئْتُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَتْلِ: لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُصَالِحُوا مَنْ شَاءُوا وَيَعْفُوا عَمَّنْ شَاءُوا وَيَقْتُلُوا مَنْ شَاءُوا وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَاتُ عِنْدِي مِثْلُ الْقَتْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَصَالَحَهُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ بَعْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ رَجُلًا بِمُوضِحَةٍ خَطَأً فَصَالَحَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّهُ نَزَا فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ مِنْهَا؟

قَالَ لَنَا مَالِكٌ: أَرَى فِيهَا الْقَسَامَةَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْعَقْلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ فَيَأْخُذُهُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَكُونُ فِي الْعَقْلِ كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعَمْدُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ إنْ أَحَبُّوا أَنْ يُقْسِمُوا أَقْسَمُوا وَقُتِلُوا وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَبَوْا أَنْ يَقْتَسِمُوا أَوْ قَالَ الْجَانِي: قَدْ عَادَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا فَرُدُّوا عَلَيَّ مَالِي وَاقْتُلُونِي إنْ أَحْبَبْتُمْ فَأَمَّا مَالِي فَلَيْسَ لَكُمْ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُقْسِمُوا لَمْ تَبْطُلْ الْجِنَايَةُ فِي الْيَدِ؛ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا قَدْ نَزَا جُرْحُهُ فَمَاتَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إنْ أَحَبُّوا أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا فَعَلُوا وَإِنْ أَبَوْا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا يَدَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي صَالَحَهُ عَلَى جُرْحِهِ لَوْ تَوَى الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ بِالْجُرْحِ فَمَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: لَا نُقْسِمُ إنَّ جِنَايَةَ الْجَانِي فِي قَطْعِ الْيَدِ لَا تَبْطُلُ وَلَهُمْ الْمَالُ الَّذِي أَخَذُوا إنْ لَمْ يُقْسِمُوا، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُقْسِمُوا رَدُّوا الْمَالَ وَقَتَلُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>