للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَجِيرِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ سَنَةً: أَنَّهُ إذَا مَرِضَ بَعْضَ السَّنَةِ، ثُمَّ صَحَّ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ أَنَّهُ يَخْدُمُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَ مَا مَرِضَ، وَلَكِنْ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا مَرِضَ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الظِّئْرُ عِنْدِي، فَإِنْ مَرِضَتْ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَتَانِ الَّتِي كَانَتَا وَقْتًا لَهَا، فَلَا تَعُودُ إلَى الرَّضَاعَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْإِجَارَةِ قَدْ مَضَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فُسِخَ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرًا تُرْضِعُ لِي صَبِيَّيْنِ سَنَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا لِي سَنَةً، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا؟ قَالَ: يُوضَعُ عَنْ الْأَبَوَيْنِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ رَضَاعِ هَذَا الْمَيِّتِ وَذَلِكَ رُبْعُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ قَدْ أَوْفَتْهُمَا فِي السَّنَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ لَهُمْ وَبَقِيَ نِصْفُ الْإِجَارَةِ فَمَاتَ أَحَدُ الصَّبِيَّيْنِ فَبَطُلَ نِصْفُ النِّصْفِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ رُبْعُ الْجَمِيعِ، وَهَذَا رَأْيِي إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَيُحْمَلُ عَلَى رُخْصِ الْكِرَاءِ وَغَلَائِهِ فِي إبَّانِ تِلْكَ السَّنَتَيْنِ لَعَلَّهُ يَكُونُ لِلشِّتَاءِ كِرَاءٌ وَلِلصَّيْفِ كِرَاءٌ وَأَسْوَاقُهُ مُخْتَلِفَةٌ وَلِلصَّغِيرِ كِرَاءٌ وَلِلصَّبِيِّ إذَا تَحَرَّكَ كِرَاءٌ آخَرُ فَيُحْمَلُونَ عَلَى ذَلِكَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْكِرَاءِ أَوْ الْإِجَارَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا حَطَطْتُ عَنْ هَذِهِ الْمُرْضِعِ قَدْر مَا أَصَابَ هَذَا الصَّبِيُّ الَّذِي مَاتَ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ الْبَاقِي صَبِيًّا غَيْرَهُ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى ذَلِكَ لَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت امْرَأَةً تُرْضِعُ لِي صَبِيًّا فَأَرَادَتْ أَنْ تُؤَاجِرَ نَفْسَهَا تُرْضِعُ صَبِيًّا آخَرَ مَعَ صَبِيِّي أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرَيْنِ يُرْضِعَانِ صَبِيًّا لِي فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَقَالَتْ الظِّئْرُ الْبَاقِيَةُ: لَا أُرْضِعُ وَحْدِي أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهَا أَنْ لَا تُرْضِعَ وَحْدَهَا.

قُلْتُ: لِمَ وَقَدْ كَانَ جَمِيعُ لَبَنِهَا لَهُمْ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْبَاقِيَةِ هَلْ يَكُونُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ صَبِيًّا غَيْرَ صَبِيِّهِمْ تُرْضِعَهُ مَعَ صَبِيِّهِمْ قَبْلَ مَوْتِ الَّتِي كَانَتْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ: لَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ صَبِيًّا غَيْرَهُ فَتُرْضِعَهُ.

قُلْتُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ صَبِيًّا غَيْرَهُ فَقَدْ صَارَ جَمِيعُ اللَّبَنِ لَهُمْ فَلِمَ تُجْبِرُهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ هَذَا الصَّبِيَّ وَحْدَهَا بِجَمِيعِ لَبَنِهَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ: إنَّمَا كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَتِي، فَكَانَ لَا يُنْهِكُنِي، وَهُوَ الْآنَ يُنْهِكُنِي، وَكُنَّا نَتَعَاوَنُ فِي عَمَلِهِ فَقَدْ صَارَ الْعَمَلُ كُلُّهُ الْآنَ عَلَيَّ فَلَا أَرْضَى، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْأَجِيرَانِ يَسْتَأْجِرُهُمَا الرَّجُلُ يَرْعَيَانِ لَهُ غَنَمَهُ أَوْ يَرْعَيَانِ لَهُ إبِلَهُ سَنَةً، فَيَمُوتَ أَحَدُهُمَا فَيَقُولُ الْأَجِيرُ الْآخَرُ: لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>