للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحَجَّامُ مُدَّعٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا لَتَّ سَوِيقًا لِي بِسَمْنٍ فَقَالَ: أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَقُلْت لَهُ: لَمْ آمُرْك أَنْ تَلُتَّهُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: يُقَالُ: لِصَاحِبِ السَّوِيقِ: إنْ شِئْتَ فَأَغْرَمْ لَهُ مَا قَالَ وَخُذْ السَّوِيقَ مَلْتُوتًا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّذِي لَتَّهُ: اغْرَمْ لَهُ سَوِيقًا مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَخُذْ هَذَا الْمَلْتُوتَ، فَإِنْ أَبَى لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيُسَلَّمُ السَّوِيقُ بِلُتَاتِهِ إلَى رَبِّهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَبُّ السَّوِيقِ مَا لَتَّهُ بِهِ كَانَ لَهُ عَلَى اللُّتَاتِ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَلِمَ لَا تَجْعَلُهُمَا شَرِيكَيْنِ إنْ أَبَيَا مَا دَعَوْتُهُمَا إلَيْهِ؟

قَالَ: لَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا شِرْكَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِثْلُهُ.

قُلْتُ: وَكَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا دَفَعْت سَوِيقًا إلَى لَتَّاتٍ لِيَلُتّهُ لِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَلَتَّهُ فَقَالَ صَاحِبُ السَّمْنِ: أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَقَدْ لَتَتّهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ صَاحِبُ السَّوِيقِ: مَا أَمَرْتُك إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ تَلُتَّهُ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؟ قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ السَّوِيقِ فَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ السَّمْنِ وَيَعْلَمُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّ لُتَاتَ ذَلِكَ السَّوِيقِ يَدْخُلُهُ مِنْ السَّمْنِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّمْنِ اللُّتَاتِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْعَمَلِ فَهُوَ مُدَّعٍ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنْ يُضَمِّنَهُ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَعَلَى اللَّتَّاتِ الْيَمِينُ.

قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلْتَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ كُلِّهَا وَرَبُّ السَّوِيقِ إنَّمَا يَقُولُ: إنَّمَا أَمَرْتُهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَقَدْ تَعَدَّى عَلَيَّ فِي الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الصَّبَّاغِ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: لَمْ آمُرْك أَنْ تَجْعَلَ فِيهِ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا وَقَالَ الصَّبَّاغُ: أَمَرْتنِي أَنْ أَجْعَلَ فِيهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبَّاغِ إذَا كَانَ مَا فِي الثَّوْبِ مِنْ الْعُصْفُرِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَعَ يَمِينِ الصَّبَّاغِ أَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَيُجْبَرُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ فِيهِ الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ كُلَّهَا لِلصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ عَلَى أَنْ يَصْبُغَ بِالْإِجَارَةِ فَقَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى الصِّبْغِ بِالْإِجَارَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبَّاغِ فِي الصِّبْغِ وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَإِنْ أَتَيَا جَمِيعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ حُمِلَا عَلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ وَعَمَلِ مِثْلِهِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي اللَّتَّاتِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَمَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>