للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُكْرِي شَرْطًا فَخَالَفَهُ، فَإِنَّ عَلَى الْمُكْرِي إذَا تَعَدَّى الضَّمَانَ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِبَطْنِ وَادٍ، وَلَا يَسْرِيَ بِلَيْلٍ وَنَحْوَ هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ، فَإِنْ تَعَدَّى فَأُصِيبَ الْمَتَاعُ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ثَوْرًا أَوْ دَابَّةً أَطْحَنُ عَلَيْهِمَا فَلَمَّا رَبَطْتُهُ فِي الْمِطْحَنَةِ كَسَرَ الْمِطْحَنَةَ وَأَفْسَدَ مَتَاعَ الرَّحَى أَيَضْمَنُ رَبُّ الثَّوْرِ وَالدَّابَّةِ شَيْئًا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْ الثَّوْرِ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الَّذِي يُكْرِي مِنْ الرَّجُلِ دَابَّتَهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا، وَهِيَ رَبُوضٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَمْ يُعْلِمْهُ أَوْ عَثُورٌ فَلَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَرَبَضَتْ أَوْ عَثَرَتْ فَانْكَسَرَ مَا عَلَيْهَا: إنَّهُ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ الثَّوْرُ وَالدَّابَّةُ فِي الرَّحَى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ دُهْنًا يَحْمِلُهُ فَحَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ عَثُورٍ فَعَثَرَتْ فَسَقَطَ الدُّهْنُ فَتَكَسَّرَ فَأَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ أَيْنَ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ وَقَدْ حَمَلَ الدُّهْنُ مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَرِيشِ وَكَانَ كِرَاؤُهُ إلَى فِلَسْطِينَ فَانْكَسَرَ الدُّهْنُ بِالْعَرِيشِ وَقِيمَتُهُ هُنَاكَ بِالْعَرِيشِ ضِعْفُ قِيمَتَهُ بِالْفُسْطَاطِ كَيْفَ يُضَمِّنُهُ؟ قَالَ: قِيمَتُهُ بِالْعَرِيشِ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: بَلْ قِيمَتُهُ بِالْفُسْطَاطِ إنْ أَرَادَ لِأَنَّهُ لَمَّا حَمَلَهُ عَلَى مَا غَرَّهُ بِهِ صَارَ مُتَعَدِّيًا مِنْ حِينِ حَمَلَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ دَابَّتِي أَوْ نَفْسِي أَحْمِلُ دُهْنًا أَوْ طَعَامًا فَزَحَمَنِي النَّاسُ فَانْكَسَرَتْ الْآنِيَةُ الَّتِي فِيهَا الدُّهْنُ أَوْ الطَّعَامُ وَالْإِدَامُ فَفَسَدَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ الضَّمَانُ؟ قَالَ: عَلَى الَّذِي زَحَمَكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ جَرَّتَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَاصْطَدَمَا فِي الطَّرِيقِ قَالَ: إنْ انْكَسَرَتْ إحْدَاهُمَا وَسَلِمَتْ الْأُخْرَى ضَمِنَ الَّذِي سَلِمَ لِلَّذِي لَمْ يَسْلَمْ وَإِنْ انْكَسَرَتَا جَمِيعًا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْفَرَسَانِ يَصْطَدِمَانِ وَعَلَيْهِمَا رَاكِبَانِ فَيَمُوتَانِ جَمِيعًا وَيَمُوتُ الْفَرَسَانِ قَالَ: ضَمَانُ الْفَرَسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِ صَاحِبِهِ وَدِيَةُ الرَّجُلَيْنِ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ وَسَلِمَ الْآخَرُ كَانَ الْفَرَسُ فِي مَالِ السَّالِمِ وَدِيَةُ الْمَيِّتِ عَلَى عَاقِلَةِ السَّالِمِ مِنْهُمَا. قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَالسَّفِينَتَانِ تَحْمِلُ إحْدَاهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا فَتَصْدِمُهَا فَتَكْسِرُهَا فَتَذْهَبُ وَيَغْرَقُ مَنْ فِيهَا؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يُشْبِهَانِ عِنْدِي الْفَرَسَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّيحَ هِيَ الَّتِي عَمِلَتْ ذَلِكَ، وَالرِّيحُ تَغْلِبُ أَهْلَ السَّفِينَةِ أَنْ يَصْرِفُوهَا أَوْ يَعْدِلُوهَا فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ يُعْلَمُ أَنَّ النُّوتِيَّ لَوْ شَاءَ أَنْ يَصْرِفَهَا صَرَفَهَا فَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ ضَمِنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>