للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ، فَإِنْ كَانَ الْفَرَسُ فِي رَأْسِهِ اعْتِزَامٌ فَحَمَلَ فَارِسَهُ فَصُدِمَ أَيَكُونُ عَلَى فَارِسِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ يَكُونُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا صَدَمَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْفَارِسَ إذَا جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهِ أَمَّا إذَا أَذْعَرَهُ أَوْ خَافَ مِنْهُ فَجَمَحَ فَسَبَبُ جَمْحِهِ مِنْ قِبَلِ فَارِسِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِ فَارِسِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِالدَّابَّةِ فَجَمَحَتْ فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ بِالدَّابَّةِ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ الدَّابَّةُ، وَالسَّفِينَةُ لَا يُذْعِرُهَا شَيْءٌ وَلَا يُذْعِرُهَا مَنْ عَلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّيحَ تَغْلِبُ عَلَيْهَا، فَهَذَا الَّذِي فَرَّقَ بِهِ مَالِكٌ مَا بَيْنَ السَّفِينَةِ وَالدَّوَابِّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ سَفِينَةً مِنْ رَجُلٍ لِيَحْمِلَ لِي طَعَامًا أَوْ مَتَاعًا إلَى مَوْضِعٍ مَنْ الْمَوَاضِعِ فَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَغَرِقَ مَا فِيهَا بَعْدَ مَا بَلَغَ بِالْمَتَاعِ أَوْ الطَّعَامِ ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ أَوْ كَانَ تَكَارَى مِنْهُ إبِلًا أَوْ دَوَابَّ أَوْ أَكْرَاهُ نَفْسَهُ يَحْمِلُ لَهُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ فَحَمَلَهُ حَتَّى بَلَغَ ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ فَجَاءَ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ فَذَهَبَ الْمَتَاعُ وَالطَّعَامُ أَيَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَلَا كِرَاءَ لِصَاحِبِهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ ابْنُ نَافِعٍ لَهُ بِحِسَابِ مَا بَلَغَتْ السَّفِينَةُ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِي: يَضْمَنُ الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنَّمَا قَالَ: يَضْمَنُ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ إذَا لَمْ يَجِئْ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ فَذَهَبَ بِهِ فَأَمَّا إذَا جَاءَ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ فَذَهَبَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْغَرَقُ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ.

قُلْتُ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ فِي السَّفِينَةِ: إنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِرَاءِ؟

قَالَ: قَالَهُ مَالِكٌ وَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَثَبَتَ عَلَيْهِ. قَالَ: كَأَنِّي أَرَاهُ إذَا أَكْرَاهُ السَّفِينَةَ إنَّمَا يُكْرِيهِ عَلَى الْبَلَاغِ وَأَمَّا الدَّوَابُّ وَالْإِبِلُ فَإِنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا تَلِفَ الطَّعَامُ أَوْ الْمَتَاعُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ أَوْ بِمَتَاعٍ مِثْلِهِ أَوْ يُؤَاجِرُ لَهُ إبِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ الْكِرَاءُ لِلْأَجِيرِ كَامِلًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْكَرِيِّ صَاحِبُ الْمَتَاعِ وَلَا خَلِيفَةٌ لَهُ؟

قَالَ: يَرْجِعُ الْمُكْرِي إلَى عَامِلِ الْمَوْضِعِ فَيُكْرِي لَهُ الْإِبِلَ إنْ وَجَدَ لَهُ كِرَاءً، وَإِلَّا فَأَمَامُهُ فِيمَا يَتَقَدَّمُ يَطْلُبُ ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَ شَيْئًا وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ لِلْمُتَكَارِي لَازِمٌ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ.

وَإِنْ انْطَلَقَ بِإِبِلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>