للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَسْتَشْهِدَاهُ، فَيَدْعُوهُ أَحَدُهُمَا إلَى الشَّهَادَةِ، أَتَرَى أَنْ يَشْهَدَ بِهَا؟ قَالَ: لَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَوْعَبَ كَلَامَهُمَا، إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الَّذِي سَمِعَ لَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يُبْطِلُ مَا بَعْدَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، أَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ: قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت قِبَلَ رَجُلٍ الْقِصَاصَ، أَوْ أَنَّهُ ضَرَبَنِي بِالسَّوْطِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا، أَتَسْتَحْلِفُهُ لِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَا يُسْتَحْلَفُ، لَكَ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِشَاهِدِ عَدْلٍ فَيُسْتَحْلَفَ لَكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَاحِدًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَتُقْطَعُ يَدُ الْقَاطِعِ. قَالَ: الْقَاسِمُ: فَإِنْ نَكَلَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَنْ الْيَمِينِ، اُسْتُحْلِفَ لَهُ الْقَاطِعُ. فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَاحِدًا أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ، أَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ عَدْلًا، أَقْسَمَ هُوَ وَبَعْضُ عَصَبَةِ الْمَقْتُولِ الَّذِينَ هُمْ وُلَاتُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيُقْتَلُ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتَ يُقْسِمُ هُوَ وَآخَرُ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْعَمْدِ لَا تَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ. قُلْتُ: لِمَ لَا يَكُونُ لَهُ إنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَنْ يَحْلِفَ فِي الْعَمْدِ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْتَلُ، كَمَا يَحْلِفُ فِي الْحُقُوقِ، وَهَلْ الْيَمِينُ إلَّا مَوْضِعُ الشَّاهِدِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا يُقْسِمُ فِي الْقَسَامَةِ فِي الْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَاتِلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ، إلَّا أَنْ يُقْسِمَ مَعَ الشَّاهِدِ رَجُلَانِ فَصَاعِدًا يَقْسِمَانِ خَمْسِينَ يَمِينًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ فِي الْقَسَامَةِ، إنَّمَا هُوَ لَوْثٌ لَيْسَتْ شَهَادَةً؛ لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَأَقْسَمَا، فَإِنَّمَا هُمَا مَوْقِعُ الشَّهَادَةِ التَّامَّةِ، وَبِالْقَسَامَةِ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَوْثٌ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ. وَأَمَّا فِي الْحُقُوقِ فَإِنَّمَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَالشَّاهِدُ فِي الْحُقُوقِ قَدْ تَمَّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ، إلَّا أَنَّ مَعَهُ يَمِينَ طَالِبِ الْحَقِّ، وَجُعِلَ فِي الْقَسَامَةِ لَا يُقْسِمُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا جُعِلَا جَمِيعًا مَوْقِعَ الشَّهَادَةِ، وَاللَّوْثُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً. فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ فِي الْحُقُوقِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْسِمُ فِي الدَّمِ إلَّا مَعَ شَاهِدِ عَدْلٍ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَلَا يُقْسِمُ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَبِي، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرِي مَنْ يُقْسِمُ مَعِي؟ قَالَ: يُقْسِمُ مَعَكَ عَمُّكَ أَوْ ابْنُ عَمِّكَ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ عُصْبَتِهِ الَّذِينَ يَكُونُونَ وُلَاتَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ حَيًّا، إنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْمَامِ أَوْ بَنِي الْأَعْمَامِ حُضُورًا. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْأَعْمَامُ وَبَنُو الْأَعْمَامِ حَضَرُوا مَعَهُ فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا مَعَهُ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَحْلِفَ مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْعَشِيرَةِ؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>