للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا، وَلَا يُقْسِمُ مَعَهُ فِي الْعَمْدِ إلَّا عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِالدَّمِ، وَيَكُونُونَ هُمْ وُلَاتَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ حَيًّا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ عَلَى حَقٍّ لَهُ عَلَى رَجُلٍ، وَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: أَحْلِفْهُ لِي مَعَ شَاهِدَيْهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْلِفُ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ يَمِينٌ، إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى حَقٍّ لَهُ عَلَى رَجُلٍ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ قَضَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَأَرَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَبَرِئَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَاضِيَ، كَيْفَ يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيَسْتَحْلِفُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، أَمْ يَزِيدُ عَلَى هَذَا: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا. وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ وَبِهِ مَضَى أَمْرُ النَّاسِ. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الَّذِي يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ، فَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ لَنَا مَالِكٌ.

قُلْتُ: فَأَيْنَ يَحْلِفَانِ الَّذِي يُدَّعَى قِبَلَهُ الْحَقُّ وَاَلَّذِي يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ مَعَ شَاهِدِهِ أَيْنَ يَسْتَحْلِفُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فِيهِ هَذَانِ جَمِيعًا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. فَقِيلَ لِمَالِكٍ. عِنْدَ الْمِنْبَرِ؟ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ إلَّا مِنْبَرَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَأَمَّا مَسَاجِدُ الْآفَاقِ فَلَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ فِيهَا، وَلَكِنَّ لِلْمَسَاجِدِ مَوَاضِعَ هِيَ أَعْظَمُ. فَأَرَى أَنْ يُسْتَحْلَفُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ عِنْدَهُمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَعِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. قَالَ: فَقُلْتُ: فَالْقَسَامَةُ، أَيْنَ يُسْتَحْلَفُ فِيهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَسَاجِدِ وَعَلَى رُءُوسِ النَّاسِ وَفِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ. قُلْتُ: فَاللِّعَانُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ. قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرْ لَكُمْ مَالِكٌ أَنَّهُمَا يَلْتَعِنَانِ فِي دُبُرِ صَلَاةٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ أَنَّهُمَا يَلْتَعِنَانِ فِي دُبُرِ صَلَاةٍ، وَإِنَّمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: فَالنَّصْرَانِيَّة تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ أَيْنَ تَلْتَعِنُ؟ قَالَ مَالِكٌ: فِي كَنِيسَتِهَا وَحَيْثُ يُعَظِّمُونَ وَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ. قُلْتُ: وَهَلْ ذَكَرَ لَكُمْ مَالِكٌ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّة يَحْلِفَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَيْمَانِهِمَا فِي دَعْوَاهُمَا؟ أَوْ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا أَوْ فِي لِعَانِهِمَا، بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ إلَّا يَحْلِفُوا بِاَللَّهِ فَقَطْ. قُلْتُ: فَالْيَهُودُ، هَلْ سَمِعْته يَقُولُ إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى؟ قَالَ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ. قُلْتُ: فَهَلْ يَحْلِفُ الْمَجُوسِيُّ فِي بَيْتِ نَارِهِمْ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا يَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ حَيْثُ يُعَظِّمُونَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْقَسَامَةِ فِي أَهْلِ الْقُرَى أَيْنَ يَحْلِفُونَ؟ قَالَ: أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>