للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَكِنْ يُؤَدِّيهَا هَكَذَا كَمَا عَلِمَ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَفَتَنْفَعُهُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذَا أَدَّاهَا هَكَذَا؟ قَالَ: لَا.

فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ، وَقَدْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عِنْدَ الْمَعْزُولِ أَوْ الْمَيِّتِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فِي دِيوَانِهِ، أَيَنْظُرُ هَذَا الَّذِي وُلِّيَ الْقَضَاءَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُجِيزُهُ؟ قَالَ: لَا يُجِيزُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا، وَأَمَرَهُمْ هَذَا الْقَاضِي الْمُحْدَثُ أَنْ يُعِيدُوا شَهَادَاتِهِمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ: كُلُّ شَيْءٍ فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ عِنْدِي؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَلَا أَرَاهُ شَاهِدًا، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَهُ.

قُلْتُ: أَفَيَكُونُ لِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، مَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ الَّتِي فِي دِيوَانِ الْقَاضِي مِمَّا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَمْضَيْتُ عَلَيْهِ تِلْكَ الشَّهَادَةَ.

قَالَ: وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَحْلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ الطَّالِبَ، وَيَثْبُتُ لَهُ الشَّهَادَاتُ، وَيَنْظُرُ فِيهِ الْقَاضِي الْمُحْدَثُ بِحَالِ مَا كَانَ لِلْمَعْزُولِ يَنْظُرُ فِيهَا؟ قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كُلَّ حُكْمٍ يَدَّعِي الْقَاضِي الْمَعْزُولُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ، أَيَكُونُ شَاهِدًا وَيَحْلِفُ الْمَحْكُومُ لَهُ مَعَ الْقَاضِي أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاكِمُ بِهَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَاضِيَ، أَيَكْرَهُ لَهُ مَالِكٌ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا مَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يُسْتَكْتَبُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَتَبَ قَاضٍ إلَى قَاضٍ، فَمَاتَ الَّذِي كَتَبَ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، أَوْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، أَوْ عُزِلَ وَوُلِّيَ الْقَضَاءَ غَيْرُهُ، أَيَقْبَلُ هَذَا الْكِتَابَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا كُتِبَ الْكِتَابُ إلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا أَدْرِي مَوْتَ أَيِّهِمَا ذَكَرَ، مَوْتَ الَّذِي كَتَبَ أَوْ مَوْتَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. مَنْ عُزِلَ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَ فَالْكِتَابُ جَائِزٌ، يُنْفِذُهُ هَذَا الَّذِي وُلِّيَ وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ إنَّمَا كُتِبَ إلَى غَيْرِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كُتُبَ الْقُضَاةِ، أَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا جَائِزَةٌ. فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّكَ أَنَّ كُتُبَ الْقُضَاةِ فِي ذَلِكَ جَائِزَةٌ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَمْت الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقٍّ لِي عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ، فَقَدِمَ بَعْدَمَا أَوْقَعْت الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ، ثُمَّ قَدِمَ، أَيَأْمُرُنِي الْقَاضِي بِإِعَادَةِ بَيِّنَتِي أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ: يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ، فَلَمَّا قَالَ لَنَا مَالِكٌ: يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ، رَأَيْتُ أَنْ لَا يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ، وَهُوَ رَأْيِي أَنْ لَا يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ، وَلَكِنَّهُ يُعْلِمُ الْخَصْمَ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>