للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مِثْلَ وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة إنْ اسْتَقْضَى قَاضِيًا فَقَضَى بِقَضَاءٍ، أَوْ قَضَى وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة نَفْسُهُ بِقَضَاءٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ إلَى مَالِكٍ فَيَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْيَاءَ قَدْ قَضَتْ بِهِ وُلَاةُ الْمِيَاهِ، فَرَأَى مَالِكٌ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا حَكَمَ بِهِ الْوَالِي، وَالِي الْفُسْطَاطِ أَمِيرُ الصَّلَاةِ، أَيَجُوزُ وَيَنْفُذُ كَمَا تَجُوزُ الْقُضَاةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا فَيَرُدُّهُ الْقَاضِي. قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلَيْنِ حَكَّمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى لِلْقَاضِي أَنْ يُمْضِيَ قَضَاءَهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا ذَكَرْتَ لِي مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الدَّابَّةَ، فَتُعْرَفُ فِي يَدِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ؟ قَالَ: يُخْرِجُ قِيمَتَهَا فَتُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَتُدْفَعُ إلَيْهِ الدَّابَّةُ بِطَلَبِ حَقِّهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَدَّ الدَّابَّةَ وَقَدْ حَالَتْ أَسْوَاقُهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ بَيِّنٍ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ الَّتِي وَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَصَابَهَا نُقْصَانٌ فَهُوَ لَهَا ضَامِنٌ، يُرِيدُ بِذَلِكَ مِثْلَ الْعَوَرِ وَالْكَسْرِ وَالْعَجَفِ.

قَالَ: وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا، هَلْ هُوَ فِي الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ مِثْلُهُ فِي الدَّابَّةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْأَمَةِ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ أَمِينًا وَدُفِعَتْ إلَيْهِ الْجَارِيَةُ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهَا رَجُلًا أَمِينًا يَخْرُجُ بِهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَيُطْبَعُ فِي أَعْنَاقِهِمْ. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَلِمَ قُلْتَ يُطْبَعُ فِي أَعْنَاقِهِمْ؟ قَالَ: لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ ثِيَابًا أَوْ عُرُوضًا، أَيُمَكِّنُهُ مِنْهَا وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَجْرَ الْقُسَّامِ، أَعَلَى عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ أَمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ، فَأَنَا أَرَى إنْ وَقَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا بَيْنَهُمْ شَيْئًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَسَّامَ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُمْ قَسَمُوا هَذِهِ الدَّارَ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ إنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ شَهَادَةِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ لِيُجِيزُوهُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ قَسَمُوا فَادَّعَى بَعْضُهُمْ الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ، أَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ بَاعَ ثَوْبًا فَادَّعَى الْغَلَطَ يَقُولُ: أَخْطَأْتُ بِهِ، أَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً فَيَقُولُ: أَخْطَأْتُ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَمْرٍ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ ثَوْبَهُ ذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ، فَأَرَى الْقِسْمَةَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبُيُوعِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ، فَقَالَ الْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْمَالُ: قَدْ دَفَعْت الْمَالَ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ الْقَاضِي، وَأَنْكَرَ الَّذِي أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ، أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْمَالَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>