ضَاعَ الثَّمَنُ، أَوْ ضَاعَ مَالُ الْيَتَامَى وَلَا مَالَ لِلْيَتَامَى غَيْرُ ذَلِكَ وَاسْتُحِقَّتْ السِّلَعُ الَّتِي بَاعَ؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَثِقُ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ، وَقَدْ حَكَمَ عَلَى النَّاسِ بِأَحْكَامٍ، فَادَّعَوْا أَنَّهُ قَدْ جَارَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ؟ قَالَ: لَا يُنْظَرُ فِيمَا قَالُوا، وَمَا حَكَمَ الْقَاضِي بِهِ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقَاضِي خُصُومَةٌ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ قَضَائِهِ جَوْرًا بَيِّنًا فَيَرُدَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاضِي الْأَوَّلِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا وُلِّيَ الْقَضَاءَ رَجُلٌ، أَيَنْظُرُ فِي قَضَاءِ الْقُضَاةِ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَعْرِضُ لِقَضَاءِ الْقُضَاةِ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا.
قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ؟ قَالَ: ذَلِكَ كَانَ رَأْيَهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لَنَا مَالِكٌ مَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَانَ يُعْجِبُهُ فِيمَا رَأَيْتُ مِنْهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ حَتَّى يَكُونَ عَارِفًا بِآثَارِ مَنْ مَضَى، مُسْتَشِيرًا لِذَوِي الرَّأْسِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ، هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَسْتَبْحِرَ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحِيمِ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا، فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا فَلْيُفْتِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ أَتَى رَجُلٌ فَقَالَ لِابْنِ هُرْمُزَ: إنَّ هَذَا السُّلْطَانَ قَدْ اسْتَشَارَنِي أَفَتَرَى أَنْ أَفْعَلَ؟ قَالَ فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ: إنْ رَأَيْتَ نَفْسَكَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَرَآكَ النَّاسُ أَهْلًا لِذَلِكَ فَافْعَلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute