للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَتُضَمِّنُهُ السَّرِقَةَ، عَدِيمًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا فِي قَوْلٍ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَشْهَدُ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعَ فُلَانٍ: إنَّ الْحَدَّ لَا يُقَامُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَسْتَحِقُّ مَتَاعَهُ وَيَدْفَعُ الْقَطْعَ. فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِرَبِّ الْمَتَاعِ، فَيَضْمَنُ السَّارِقُ قِيمَةَ ذَلِكَ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ، فَإِذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ضَمِنَ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ، إنْ كَانَ عَدِيمًا أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَضْمَنُ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: تَجُوزُ أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي السَّرِقَةِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْفِرْيَةِ وَالْحُدُودِ كُلِّهَا وَالسَّرِقَةُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَدِمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْغَائِبُ وَغَابَ الشُّهُودُ، أَوْ كَانُوا حُضُورًا فَقَدِمَ هَذَا الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَهُوَ غَائِبٌ، أَيَقْطَعُهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا حَتَّى يُعِيدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ اسْتَأْصَلَ الْبَيِّنَةَ فِي إتْمَامِ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْغَائِبِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لِلنَّاسِ، أَوْ الْحُدُودِ الَّتِي لِلَّهِ، فَلَمْ يَطْعَنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الشُّهُودِ بِشَيْءٍ، أَيَحْكُمُ مَالِكٌ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَكَانَهُ إذَا لَمْ يَطْعَنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي شَهَادَةٍ الشُّهُودِ أَمْ لَا يَحْكُمُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يَحْكُمَ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَقَادَمَتْ السَّرِقَةُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ حِينٍ مِنْ الزَّمَانِ، أَيُقْطَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، يُقْطَعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ تَقَادَمَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ كُلُّهَا شُرْبُ الْخَمْرِ وَالزِّنَا؟

قَالَ: نَعَمْ لَا يَبْطُلُ الْحَدُّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ وَإِنْ تَقَادَمَ ذَلِكَ وَطَالَ زَمَانُهُ أَوْ تَابَ السَّارِقُ وَحَسُنَتْ حَالُهُ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ تَقَادَمَ بَعْدَ طُولٍ مِنْ الزَّمَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَهُوَ شَابٌّ فِي شَبِيبَتِهِ، ثُمَّ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَصَارَ فَقِيهًا مَنْ الْفُقَهَاءِ عَابِدًا، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ، أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ يُحَدُّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّكْرَانَ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْإِمَامِ، أَيَضْرِبُهُ مَكَانَهُ أَمْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَصْحُوَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ مَالِكٌ: حَتَّى يَصْحُوَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّرِقَةَ إذَا سَرَقَهَا السَّارِقُ فَبَاعَهَا فَأُخِذَ السَّارِقُ وَلَا مَالَ لَهُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أَصَابُوا السَّرِقَةَ الَّتِي بَاعَ قَائِمَةً عِنْدَ مُشْتَرِيهَا.

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ لِي مَالِكٌ: تُؤْخَذُ السَّرِقَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَتْبَعُ الْمُشْتَرَيْ السَّارِقَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِقِيمَةِ السَّرِقَةِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَتْلَفَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، إنْ كَانَ هُوَ أَتْلَفَهَا أَكَلَهَا أَوْ حَرَقَهَا أَوْ بَاعَهَا وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَصَابَهَا تَلَفٌ مِنْ السَّمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>