للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَخَذَ الْمُحَارِبُونَ مِنْ الْمَالِ أَقَلَّ مِمَّا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ، أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ؟ قَالَ: لَيْسَ حَدُّ الْمُحَارِبِينَ مِثْلَ حَدِّ السَّارِقِ. وَالْمُحَارِبُ إذَا أَخَذَ الْمَالَ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، فَهُوَ سَوَاءٌ، وَالسَّارِقُ لَا يُقْطَعُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَطَعُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَهُوَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَخْبَرَنِي عَنْهُ مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أَنَّ عُثْمَانَ قَتَلَ مُسْلِمًا قَتَلَ ذِمِّيًّا عَلَى وَجْهِ الْحِرَابَةِ، قَتَلَهُ عَلَى مَالٍ كَانَ مَعَهُ، فَقَتَلَهُ عُثْمَانُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانُوا أَخَافُوا وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَجَرَحُوا النَّاسَ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُوضَعُ عَنْهُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوا فَيُدْفَعُونَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتْلَى، وَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ أُغْرِمُوا الْمَالَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَاتُ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَيُدْرَأُ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ فِي الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ لَوْ أُخِذُوا قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا، فَأَمَّا مَا صَنَعُوا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَفِي دِمَائِهِمْ وَفِي أَبْدَانِهِمْ، فَهُمْ يُؤْخَذُونَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانُوا مُحَارِبِينَ قَطَعُوا عَلَى النَّاسِ الطَّرِيقَ فَقَتَلُوا رَجُلًا قَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا أَعْوَانًا لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، إلَّا أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ مِنْهُمْ وَلِيَ الْقَتْلَ حِينَ زَاحَفُوهُمْ، ثُمَّ تَابُوا وَأَصْلَحُوا، فَجَاءَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ يَطْلُبُ دَمَهُ، أَيَقْتُلُهُمْ كُلَّهُمْ أَمْ يَقْتُلُ الَّذِي قَتَلَ وَلِيَّهُ وَحْدَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُوا كُلُّهُمْ إذَا أُخِذُوا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا، فَأَتَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ يَطْلُبُونَ دَمَهُ، دُفِعُوا كُلُّهُمْ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلُوا مَنْ شَاءُوا وَعَفَوْا عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا. وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَالَ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا. فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي قَتْلِهِ. فَذَلِكَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ يَقْتُلُونَ مَنْ شَاءُوا مِنْهُمْ وَيَعْفُونَ عَمَّنْ شَاءُوا مِنْهُمْ.

قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي قَوْمٍ خَرَجُوا فَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، فَتَوَلَّى رَجُلٌ مِنْهُمْ أَخْذَ مَالٍ كَانَ مَعَ رَجُلٍ مِمَّنْ أَخَذَ أَخَذَهُ مِنْهُ وَالْآخَرُونَ وُقُوفٌ إلَّا أَنَّهُ بِهِمْ قَوِيَ وَأَخَذَ الْمَالَ، فَأَرَادَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ التَّوْبَةَ وَقَدْ أَخَذَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ وَدَفَعَ إلَى الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ، مَاذَا تَرَى عَلَيْهِ حِينَ تَابَ، أَحِصَّتُهُ الَّذِي أَخَذَ أَمْ الْمَالُ كُلُّهُ؟ قَالَ بَلْ أَرَى الْمَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا قَوِيَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ بِهِمْ وَالْقَتْلُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى مَا أَخْبَرْتُك بِهِ مِنْ الْقَتْلِ. وَلَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ رَبِيئَةً لِلَّذِينَ قَتَلُوهُ، فَقَتَلَهُ عُمَرُ مَعَهُمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانُوا قَدْ أَخَذُوا الْمَالَ، فَلَمَّا تَابُوا كَانُوا عُدَمَاءَ لَا مَالَ لَهُمْ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ الْمَالِ دَيْنًا عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: فَإِنْ أُخِذُوا قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا، أُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ فَقُطِعُوا أَوْ قُتِلُوا وَلَهُمْ أَمْوَالٌ أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ مَالٌ لَمْ يُبَاعُوا بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذُوا بِمَنْزِلَةِ السَّرِقَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا بَلَغَنِي مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَخَذَهُمْ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>