للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ يُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ أَنْ يَصْعَدُوا عَلَى أَعْلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَوْضِعًا يَرَوْنَ الْبَيْتَ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا تَقِفُ النِّسَاءُ فِي الزِّحَامِ فِي أَصْلِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَوْ كُنَّ فِي أَيَّامٍ لَا زِحَامَ فِيهَا كَانَ الصُّعُودُ لَهُنَّ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَفْضَلَ.

قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَسْعَى أَحَدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَسْعَى أَحَدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ، قَالَ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ طَافَ رَاكِبًا هَلْ كَانَ يَأْمُرُهُ مَالِكٌ بِالْإِعَادَةِ؟

قَالَ: أَرَى إنْ لَمْ يَفُتْ ذَلِكَ أَنْ يُعِيدَ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ هَلْ تَرَى عَلَيْهِ دَمًا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ جَلَسَ بَيْنَ ظَهْرَانِي سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْ غَيْرِ عِلَّةٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا خَفِيفًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ تَارِكًا لِلسَّعْيِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَلَا يَبْنِيَ. قُلْت لَهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْمُلْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟

قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مَنْ سَعْيِهِ أَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ أَوْ جَلَسَ يَتَحَدَّثُ، أَيَبْنِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟

قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ يُحَدِّثُهُ، قُلْت: فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ خَفِيفًا لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ أَنْ يَبْنِيَ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُصِيبُهُ الْحَقْنُ أَوْ الْغَائِطُ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: يَذْهَبُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبْنِي وَلَا يَسْتَأْنِفُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا طَافَ الْمُعْتَمِرُ بِالْبَيْتِ وَسَعَى وَلَمْ يُقَصِّرْ، قَالَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَخِّرَ لُبْسَ الثِّيَابِ حَتَّى يُقَصِّرَ، فَإِنْ لَبِسَ الثِّيَابَ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ فَأَرَى أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: حَتَّى مَتَى يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَخِّرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِفَاضَةَ إلَيْهِ، قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ أَخَّرَ الْإِفَاضَةَ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَمَا انْصَرَفَ مِنْ مِنًى أَيَّامًا وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَسْعَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ الْهَدْيَ، قُلْت: فَمَا حَدُّ ذَلِكَ؟

قَالَ: إنَّمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ: إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ، قَالَ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بَأْسًا إنْ هُوَ أَخَّرَ الْإِفَاضَةَ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ التَّعْجِيلَ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ حَاجًّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَاللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ فَلَمْ يَبِتْ بِمِنًى وَبَاتَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ غَدَا مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَاتٍ أَكَانَ مَالِكٌ يَرَى عَلَيْهِ لِذَلِكَ شَيْئًا؟

قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيَرَاهُ قَدْ أَسَاءَ، قُلْت: فَهَلْ كَانَ يَرَى عَلَيْهِ لِذَلِكَ شَيْئًا؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، قُلْت: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَدَعَ الرَّجُلُ الْبَيْتُوتَةَ بِمِنًى مَعَ النَّاسِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: كَمَا كَرِهَ أَنْ يَبِيتَ لَيَالِيَ أَيَّامِ مِنًى إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>