للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ فِي غَيْرِ مِنًى؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُهُمَا جَمِيعًا، وَيَرَى أَنْ لَيَالِيَ مِنًى فِي الْكَرَاهِيَةِ أَشَدُّ عِنْدَهُ، وَيَرَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى بِمِنًى أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَلَا يَرَى فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ دَمًا.

قُلْتُ لَهُ: وَهَلْ كَانَ يَرَى عَلَى مَنْ بَاتَ فِي غَيْرِ مِنًى لَيَالِي مِنًى الدَّمَ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ بَاتَ لَيْلَةً كَامِلَةً فِي غَيْرِ مِنًى أَوْ جُلَّهَا فِي لَيَالِي مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ لَيْلَةٍ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، قُلْت: وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَبِيتُ النَّاسُ بِمِنًى قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إلَى عَرَفَاتٍ إنْ تَرَكَ رَجُلٌ الْبَيْتُوتَةَ فِيهَا، هَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لَهُ تَرْكَ ذَلِكَ.

قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ مَكَانًا مِنْ عَرَفَاتٍ أَوْ مِنًى أَوْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يَنْزِلُ فِيهِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَنْزِلُ حَيْثُ أَحَبَّ.

قُلْت لَهُ: مَتَى يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ بِعَرَفَةَ أَقَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامُ أَوْ بَعْدَمَا يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ؟

قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمُؤَذِّنِ مَتَى يُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَبَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُ؟ قَالَ: ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، قُلْت لَهُ: فَهَلْ سَمِعْتُمْ مِنْهُ يَقُولُ إنَّهُ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ؟

قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْهُ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَا أَظُنُّهُمْ يَفْعَلُونَ هَذَا، وَإِنَّمَا الْأَذَانُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ وَاسِعٌ. قُلْت: أَرَأَيْت الصَّلَاةَ فِي عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، أَبِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ أَمْ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ؟

قَالَ: بَلْ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ؛ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ أَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ، قَالَ لِي مَالِكٌ فِي صَلَاةِ عَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ هَذَا، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَأْنِ الْأَئِمَّةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ.

قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ إمَامٍ خَرَجَ إلَى جِنَازَةٍ فَحَضَرَتْ الظُّهْرُ أَوْ الْعَصْرُ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فِي الصَّحْرَاءِ أَتَكْفِيهِ الْإِقَامَةُ؟

قَالَ: بَلْ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، قَالَ وَلَيْسَ الْأَئِمَّةُ كَغَيْرِهِمْ وَلَوْ كَانُوا لَيْسَ مَعَهُمْ إمَامٌ أَجْزَأَتْهُمْ الْإِقَامَةُ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت الْإِمَامَ إذَا صَلَّى يَوْمَ عَرَفَةَ الظُّهْرَ بِالنَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَيْفَ يَصْنَعُ؟

قَالَ: يُقَدِّمُ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ الْعَصْرَ وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَهَا ثُمَّ يُعِيدُ هُوَ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ، قُلْت: فَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا وَهُوَ يُصَلِّي بِهِمْ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُنْتَقَضُ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ جَمِيعًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَيَخْرُجَ هُوَ فَيُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، قُلْت لَهُ: فَإِنْ ذَكَر صَلَاةً نَسِيَهَا وَهُوَ يُصَلِّي بِهِمْ الْعَصْرَ؟

قَالَ: يَنْتَقِضُ بِهِ وَبِهِمْ الْعَصْرُ، وَيَسْتَخْلِفُ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ الْعَصْرَ وَيُصَلِّي هُوَ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَهَا، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا مَا صَلُّوا مَعَهُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا هُمْ بِمَنْزِلَتِهِ مَا يُنْتَقَضُ عَلَيْهِمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>