للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُولَى إنْ كَانَتْ حَجَّةً، فَحَجَّةً وَإِنْ كَانَتْ عُمْرَةً، فَعُمْرَةً، وَيُهْرِقُ لِمَا رَكِبَ دَمًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ حِينَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ إلَى مَكَّةَ، فِي تَرْدَادِهِ إلَى مَكَّةَ مَرَّتَيْنِ، أَيَرْكَبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَيُهْدِي وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ، وَلَوْ شَيْئًا، ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْمَشْيِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَالِفُ مَرِيضًا فَحَنِثَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ مَرِيضًا قَدْ يَئِسَ مِنْ الْبُرْءِ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ مَرَضًا يَطْمَعُ بِالْبُرْءِ مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّنْ لَوْ صَحَّ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ لَيْسَ بِشَيْخٍ كَبِيرٍ وَلَا امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ فَلْيَنْتَظِرْ حَتَّى إذَا صَحَّ وَبَرِئَ مَشَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ بَرِئَ وَصَحَّ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ أَصْلًا الطَّرِيقَ كُلَّهُ، فَلْيَمْشِ مَا أَطَاقَ ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ، كَيْفَ يُحْصِي مَا رَكِبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ أَعَدَدُ الْأَيَّامِ أَمْ يُحْصِي ذَلِكَ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ أَمْ يَحْفَظُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَرْكَبُ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ، فَإِذَا رَجَعَ ثَانِيَةً مَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى؟

قَالَ: إنَّمَا يَأْمُرُهُ مَالِكٌ بِأَنْ يَحْفَظَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، فَإِنْ عَادَ الثَّانِيَةَ مَشَى تِلْكَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَرْكَبُ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ.

قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَرْكَبَ يَوْمًا وَيَمْشِيَ يَوْمًا أَوْ يَمْشِيَ أَيَّامًا وَيَرْكَبَ أَيَّامًا، فَإِذَا أَعَادَ الثَّانِيَةَ قَضَى عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا؟

قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ هَذَا إذَا كَانَ هَكَذَا يُوشِكُ أَنْ يَمْشِيَ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ الْمَرَّتَيْنِ جَمِيعًا وَيَرْكَبُ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ جَمِيعًا، فَلَا يُتِمُّ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى عَدَدِ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى عَدَدِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْأَرْضِ.

قُلْتُ: وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي الْمَشْيِ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ مَشَى حِينَ حَنِثَ فَعَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قَابِلٍ لِيَقْضِيَ مَا رَكِبَ فِيهِ مَاشِيًا. فَقَوِيَ عَلَى مَشْيِ الطَّرِيقِ كُلِّهِ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ أَمْ يَمْشِيَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>