رَكِبَ وَيَرْكَبُ مَا مَشَى؟
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبَ مَا مَشَى. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَنِثَ فَلَزِمَهُ الْمَشْيُ فَخَرَجَ فَمَشَى فَعَجَزَ، ثُمَّ رَكِبَ وَجَعَلَهَا عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ قَابِلًا لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبُ مَا مَشَى، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا قَابِلًا حَجَّةً، أَلَهُ ذَلِكَ أَمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا إلَّا عُمْرَةً أَيْضًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ، نَعَمْ يَجْعَلُ الْمَشْيَ الثَّانِيَ إنْ شَاءَ حَجَّةً وَإِنْ شَاءَ عُمْرَةً وَلَا يُبَالِي وَإِنْ خَالَفَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَذَرَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي حَجٍّ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِيَ فِي عُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ نَذَرَ الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِيَ فِي حَجٍّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْمَشْيَ الثَّانِيَ وَلَا الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي فَرِيضَةٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: خَرَجْت مَعَ جَدَّةٍ لِي كَانَ عَلَيْهَا مَشْيٌ، حَتَّى إذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ، فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا إلَى ابْنِ عُمَرَ يَسْأَلُهُ وَخَرَجْت مَعَهُ. فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ كَذَا ثُمَّ لِتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ. قَالَ مَالِكٌ وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَتَنْحَرُ بَدَنَةً قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَلْتُهْدِ قَالَ سُفْيَانُ وَاللَّيْثُ: وَلْتُهْدِ مَكَانَ مَا رَكِبَتْ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: يَمْشِي فَإِذَا عَجَزَ رَكِبَ فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ حَجَّ فَمَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْهَدْيُ بَدَنَةٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَمَشَى ثُمَّ أَعْيَا. قَالَ: لِيَرْكَبْ وَلْيُهْدِ لِذَلِكَ هَدْيًا، حَتَّى إذَا كَانَ قَابِلًا فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى وَلْيَمْشِ مَا رَكِبَ، فَإِنْ أَعْيَا فِي عَامِهِ الثَّانِي رَكِبَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرْكَبُ مَا مَشَى وَيَمْشِي مَا رَكِبَ. فَبَلَغَ الشَّعْبِيُّ قَوْلَ سَعِيدٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَمْشِي مَا رَكِبَ فَإِذَا عَجَزَ رَكِبَ وَأَهْدَى بَدَنَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت قَوْلَ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ حُجَّةً لِقَوْلِ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ إنْ عَجَزَ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَعُودَ فِي الثَّالِثَةِ مَعَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ فِي الثَّانِيَةِ رَكِبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ