للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَكَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ، فَالْفَسْخُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ وَاَلَّذِي كَانَ يَقُولُ بِهِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَمَا كَانَ فَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا وَمَا عَقَدَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا يُفْسَخُ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مِيرَاثَ فِيهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت النِّكَاحَ الَّذِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ عَلَى حَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ فَدَخَلَ بِهَا أَيَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سُمِّيَ أَمْ يَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؟ قَالَ: لَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سُمِّيَ إذَا كَانَ مِثْلَ نِكَاحِ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ النَّسَبِ، فَإِنَّ لَهَا مَا سُمِّيَ مِنْ الصَّدَاقِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ

قُلْتُ: أَرَأَيْت الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ وَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْمِيرَاثِ فِي هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ إذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ أَنْ يُجِيزُوهُ جَازَ، فَالْفَسْخُ فِيهِ تَطْلِيقَةٌ فَإِذَا طَلَّقَ هُوَ جَازَ الطَّلَاقُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ إنْ هِيَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ عَلَى مَالٍ دَفَعَتْهُ إلَى الزَّوْجِ، أَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ هَذَا الْمَالُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهَا إنْ أَبَى الْوَلِيُّ أَنْ يُجِيزَ عُقْدَتَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَرَاهُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَتْهُ فَالْمَالُ جَائِزٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَطَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَمَا طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ لَوْ أَجَازَهُ الْأَوْلِيَاءُ أَوْ غَيْرُهُمْ جَازَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إذَا فُسِخَ طَلَاقًا وَرَأَى مَالِكٌ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ فَكَذَلِكَ أَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَا طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الْفَسْخَ هَهُنَا تَطْلِيقَةً وَهُوَ لَا يَدْعُهُمَا عَلَى هَذَا النِّكَاحِ إنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ رَدَّهُ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ ذَلِكَ وَتَلِدَ مِنْهُ أَوْلَادًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَسْخُ هَذَا النِّكَاحِ عِنْدَ مَالِكٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ، قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ مَا فَسْخُهُ بِالْبَيِّنِ وَلَكِنَّهُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَفَتَرَى أَنْ يُفْسَخَ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ؟ فَوَقَفَ عَنْهُ وَلَمْ يَمْضِ عَنْهُ فَعَرَفْت أَنَّهُ عِنْدَهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ قَالَ: وَأَصْلُ هَذَا وَهُوَ الَّذِي سَمِعْته مِنْ قَوْلِ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ مِنْ اللَّهِ وَلَا مِنْ رَسُولِهِ أَجَازَهُ قَوْمٌ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ أَنَّ مَا طَلَّقَ فِيهِ يَلْزَمُهُ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ الْمَرْأَةُ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا أَوْ الْأَمَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَكُلُّ نِكَاحٍ كَانَ حَرَامًا مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ مَا طُلِّقَ فِيهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>