للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا النِّكَاحُ وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا وَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَجَازَ النِّكَاحُ، وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ بِالدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ الْغَائِبَةِ أَوْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ، قَالَ: إنْ كَانَ وُصِفَ لَهَا ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصَفْ لَهَا ذَلِكَ فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أُعْطِيت صَدَاقَ مِثْلِهَا وَلَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ، فَمَسْأَلَتُكَ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا وَأَرَى أَيْضًا هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَى بَعِيرٍ شَارِدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، فَالدَّارُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا مِنْ الْغَرَرِ لَا يَدْرِي مَا يَبْلُغُ ثَمَنُهَا وَلَا يَدْرِي إمَّا تُبَاعُ مِنْهُ أَمْ لَا فَقَدْ وَقَعَتْ الْعُقْدَةُ عَلَى الْغَرَرِ فَتُحْمَلُ مَحْمَلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْبَعِيرِ وَالثَّمَرَةِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهْب رَجُلٌ ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَتَجْعَلُهُ نِكَاحًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْهِبَةُ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ هِبَتُهُ إيَّاهَا لَيْسَ عَلَى نِكَاحٍ إنَّمَا وَهَبَهَا لَهُ لِيَحْضُنَهَا أَوْ لِيَكْفُلَهَا فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى لِأُمِّهَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا إذَا كَانَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، مِثْلُ الرَّجُلِ الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهْب ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ بِصَدَاقِ كَذَا وَكَذَا أَتُبْطِلُ هَذَا أَمْ تَجْعَلُهُ نِكَاحًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنَّهُ إذَا كَانَ بِصَدَاقٍ فَهَذَا نِكَاحٌ إذَا كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِالْهِبَةِ وَجْهَ النِّكَاحِ وَسَمَّوْا الصَّدَاقَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ بُشِّرَ بِجَارِيَةٍ فَكَرِهَهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ هَبْهَا لِي فَوَهَبَهَا لَهُ، قَالَ سَعِيدٌ لَمْ تَحِلَّ الْهِبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ أَصْدَقَهَا حَلَّتْ لَهُ، قَالَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَهَبُ السِّلْعَةَ لِلرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا بَيْعٌ، فَأَرَى الْهِبَةَ بِالصَّدَاقِ مِثْلَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ الْهِبَةُ بِلَا صَدَاقٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يَثْبُتَ النِّكَاحُ فَإِنْ رَضِيَ بِمَا حَكَمَتْ أَوْ رَضِيَتْ بِمَا حَكَمَ أَوْ رَضِيَا جَمِيعًا بِمَا حَكَمَ فُلَانٌ جَازَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، بِمَنْزِلَةِ التَّفْوِيضِ إذَا لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُهُ حَتَّى سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ يَذْكُرُهُ عَنْ مَالِكٍ، فَأَخَذْتُ بِهِ وَتَرَكْتُ رَأْيِي فِيهِ.

قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ التَّفْوِيضُ أَوْ أَيُّ شَيْءٍ الْحُكْمُ؟

قَالَ: التَّفْوِيضُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>