للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّ نِكَاحٍ يُفْسَخُ بِالْغَلَبَةِ فَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَتَكُونُ عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ؟

قَالَ: لَا مُتْعَةَ عَلَيْهِ فِي رَأْيِي لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُفْسَخُ

قُلْتُ: أَرَأَيْت أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ النِّكَاحِ أَيَتَوَارَثَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ السَّاعَةَ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَدْ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْتَدِئَا نِكَاحًا جَدِيدًا، وَلَمْ يَكُنْ يُحَقِّقُ فَسَادَهُ فَأَرَى الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الَّذِي تَزَوَّجَ بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَيَتَوَارَثَانِ؟

قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ نِكَاحُهَا بِعُقْدَةِ النِّكَاحِ الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ حَتَّى يُفْسَخَ إنْ أُدْرِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَبَلَغَنِي عَنْهُ مِمَّنْ أَثِقُ: أَنْ أَنْظُرَ إلَى كُلِّ نِكَاحٍ إذَا دَخَلَ بِهَا فِيهِ لَمْ يُفْسَخْ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ وَالطَّلَاقَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَكُلُّ نِكَاحٍ لَا يُقَرُّ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا لِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ فِيهِ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الَّتِي تَتَزَوَّجُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أُعْطِيت صَدَاقَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَاَلَّتِي تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كَانَ مَالِكٌ يَغْمِزُهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَيُحِبُّ أَنْ يَبْتَدِئَا فِيهِ النِّكَاحُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ أَتَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ فَيَقِفُ عَنْ ذَلِكَ وَيَجْبُنُ عَنْهُ وَلَا يَمْضِي فِي فِرَاقِهِ فَمِنْ هُنَالِكَ رَأَيْتُ لَهَا الْمِيرَاثَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ جَازَ النِّكَاحُ، وَأَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا إنَّمَا رَأَيْتُ لَهَا الْمِيرَاثَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ نِكَاحٌ إنْ دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ، وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَسْخِ وَالثَّبَاتِ، فَأَرَاهُ نِكَاحًا أَبَدًا يَتَوَارَثَانِ حَتَّى يُفْسَخَ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ فِيهِ حَتَّى يَفْسَخَهُ مَنْ رَأَى فَسْخَهُ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ قَاضِيًا مِمَّنْ يَرَى رَأْيَ أَهْلِ الشَّرْقِ أَجَازَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَفُرِضَ عَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ مِمَّنْ يَرَى فَسْخَهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَفْسَخْهُ لِمَا حَكَمَ فِيهِ مَنْ رَأَى خِلَافَهُ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَجَازَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ فَسْخُهُ، فَمِنْ هُنَالِكَ رَأَيْتُ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى مَالٍ، أَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَ مِنْهَا أَمْ يَكُونُ مَرْدُودًا؟

قَالَ: أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ كُلَّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ فِيهِ، فَأَرَى فِيهِ الْخُلْعَ جَائِزًا وَلَوْ رَأَيْتُ الْخُلْعَ فِيهِ جَائِزًا مَا أَجَزْتُ الطَّلَاقَ فِيهِ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>