وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالرَّجُلُ الْمَحْدُودُ وَمَنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْحُكَّامِ، فَالصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَمَنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ أَبْعَدُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَحَكُّمُهُمْ إلَّا بِالرِّضَا مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِلَّا بِالْبَعْثَةِ مِنْ السُّلْطَانِ
قُلْتُ: فَالْحَكَمَانِ هَلْ يَكُونَانِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَرْأَةِ وَأَهْلِ الرَّجُلِ؟ وَكَيْفَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَهْلٌ؟ وَكَيْفَ إنْ كَانَا لَهُمَا أَهْلٌ وَكَانُوا - إلَّا مَوْضِعٌ فِيهِمْ لِأَبِيهِمْ - لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْعَدْلِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْحَكَمَانِ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا فُتِحَ مَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ حَتَّى لَا يُثْبِتَهُ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ وَلَا يُسْتَطَاعَ أَنْ يُتَخَلَّصَ إلَى أَمْرِهِمَا، فَإِذَا بَلَغَا ذَلِكَ بَعَثَ الْوَالِي رَجُلًا مِنْ أَهْلِهَا وَرَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ عَدْلَيْنِ فَنَظَرَا فِي أَمْرِهِمَا وَاجْتَهَدَا، فَإِنْ اسْتَطَاعَا الصُّلْحَ أَصْلَحَا بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَجُوزُ فِرَاقُهُمَا دُونَ الْإِمَامِ، وَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهَا حَتَّى يَكُونَ خُلْعًا فَعَلَا، قَالَ: فَإِذَا كَانَ فِي الْأَهْلِ مَوْضِعٌ كَانُوا هُمْ أَوْلَى لِعِلْمِهِمْ بِالْأَمْرِ وَتَعَنِّيهِمْ بِهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَزِدْهُمْ قَرَابَتُهُمْ مِنْهُمْ إذَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ الْحَالِ الَّتِي وَصَفْتُ لَكَ مِنْ النَّظَرِ وَالْعَدَالَةِ إلَّا قُوَّةً عَلَى ذَلِكَ وَعِلْمًا بِهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَهْلِ أَحَدٌ يُوصَفُ بِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّحْكِيمَ أَوْ كَانَا مِمَّنْ لَا أَهْلَ لَهُمَا فَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ الَّذِي هُوَ عَدْلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: فَالْأَهْلُونَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ هَلْ يَحْكُمُ وَهَلْ يَكُونُ الْأَهْلُونَ فِي وُلَاةِ الْعَصَبَةِ أَوْ وُلَاةِ الْمَالِ أَوْ وَالِي الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ عَصَبَةٍ أَوْ وَالِي الْيَتِيمَةِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَهَلْ يَكُونُ إلَى غَيْرِ مَنْ يَلِي نَفْسَهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ، أَوْ هَلْ يَكُونُ لِأَحَدٍ مَعَ الَّذِي يَلِي نَفْسَهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ شِرْكٌ؟ فَقَالَ: لَا شِرْكَ لِلَّذَيْنِ أَمْرُهُمَا إلَيْهِمَا مِنْ أَحَدٍ فِي أَمْرِهِمَا إلَّا شِرْكَ الْمَشُورَةِ الَّتِي الْمَرْءُ فِيهَا مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا وَرَدِّهَا، فَأَمَّا شِرْكٌ يَمْنَعُ بِهِ صَاحِبُهُ شَيْئًا أَوْ يُعْطِيه شَيْئًا، قَالَ: فَلَا، وَكَذَلِكَ الْأَمْوَالُ مَنْ يَلِي الْيَتَامَى مِنْ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا إلَيْهِمْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمُخَالَعَةِ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي نَفْسَهُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ الْوُلَاةِ الَّذِينَ يَجُوزُ أُمُورُهُمْ عَلَى مَنْ يَلُوا جَعَلُوا ذَلِكَ إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَكَمًا؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ.
قُلْتُ: وَلِمَ وَإِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ أَوْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْمَالِكِينَ لِأَمْرِهِمَا؟
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي إذَا حَكَمَ غَيْرُ أَهْلِ الْحُكُومَةِ وَالرَّأْيِ، مَنْ وَصَفْتُ لَكَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ كَانَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِصْلَاحِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْحَكَمَيْنِ، وَإِرَادَةُ وُلَاةِ الْعِلْمِ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي بِخَاطِرِ أَمْنِهَا بِمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْغَرَرُ.
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحَكَمَيْنِ لَهُمَا جَمِيعًا؟
قَالَ: نَعَمْ، إنَّمَا هِيَ مِنْ أُمُورِهِمَا الَّتِي لَوْ أَخَذَهَا دُونَ مَنْ يَحْكُمُ فِيهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمَا جَمِيعًا، فَكَذَلِكَ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute