للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَنْ جَعَلَاهَا إلَيْهِ إذَا كَانَ يَسْتَأْهِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُجْعَلُ ذَلِكَ إلَيْهِ لَيْسَ بِنَصْرَانِيٍّ وَلَا بِعَبْدٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا سَفِيهٍ فَهَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَكَيْفَ وَاحِدٌ؟

قُلْتُ فَلَوْ أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَيْهِ جُعِلَ عَنْ مَلَأٍ مِنْهُمَا وَرَضِيَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، هَلْ يَمْضِي ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مَرْدُودًا قَالَ: إذًا لَا يَمْضِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْحُكْمِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ - تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ - وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ دُخُولُ الزَّوْجَةِ فِيهِ بِتَحْكِيمِهَا وَلَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ فِي تَمْلِيكِ الطَّلَاقِ.

قُلْتُ: فَلَوْ قَضَى الْحَكَمَانِ بِغُرْمٍ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ الْفُرْقَةِ أَوْ عَلَى الْمَرْأَةِ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِغَيْرِ التَّخْلِيصِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ فِي تَحْكِيمِهِمَا حِينَ يَحْكُمَانِ؟

قَالَ: إذَا حَكَّمَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ الْحَكَمَيْنِ فِي الْفُرْقَةِ وَالْإِمْسَاكِ فَقَدْ حَكَّمَاهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ ذَلِكَ بِوَجْهِ السَّدَادِ مِنْهُمَا وَالِاجْتِهَادِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَيُغَرِّمَاهَا مِمَّا هُوَ مُصْلِحٌ لَهَا وَمُخْرِجُهَا مِنْ مِلْكِ مَنْ أَضَرَّ بِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَا مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا وَيُطَلِّقَاهَا عَلَيْهِ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا مِنْ الْفِرَاقِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُخْرِجَانِهَا مِنْ يَدِهِ؟ وَهَلْ يَكُونُ إذَا أَخْرَجَاهَا بِوَاحِدَةٍ تَكُونُ لَهُ فِيهَا رَجْعَةٌ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يُخْرِجَاهَا مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ لَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا حَكَمَا عَلَيْهِمَا فِيهِ بِمَالٍ أَوْ لَمْ يَحْكُمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ وَاحِدَةٍ خَطَأٌ وَلَيْسَ بِالصَّوَابِ وَلَيْسَ بِمُصْلِحٍ لَهُمَا أَمْرًا وَالْحَكَمَانِ إنَّمَا يَدْخُلَانِ مِنْ أَمْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَلَهُ جَعْلًا.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُطَلِّقْ الْآخَرُ؟

قَالَ: إذًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ هُنَاكَ فِرَاقٌ؛ لِأَنَّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا إلَى صَاحِبِهِ بِاجْتِمَاعِهَا عَلَيْهِ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَخْرَجَهَا أَحَدُهُمَا بِغُرْمٍ تَغْرَمُهُ الْمَرْأَةُ وَأَخْرُجهَا الْآخَرُ بِغَيْرِ غُرْمٍ؟

قَالَ: إذًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمَا اجْتِمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا بِغَيْرِ اجْتِمَاعِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الَّذِي لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَمْضِيَ لَهُ مِنْ الْمَالِ طَوْعًا مِنْهَا لَا بِحُكْمِهِمَا مَا سَمَّى عَلَيْهَا أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ فَقَدْ اجْتَمَعَا إذَا أَمْضَتْ الْمَالَ لِلزَّوْجِ عَلَى الطَّلَاقِ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْفُرْقَةِ إذَا أَبَتْ إعْطَاءَ الْمَالِ، إنَّمَا هُوَ تَبَعٌ فِي رَدِّ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يَجْتَمِعَا لِي عَلَى الْمَالِ فَيَلْزَمُهَا لِي، وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَا حَكَمَ بِهِ مِنْهُ أَحَدُكُمَا فَتَنْقَطِعُ مَقَالَتِي، فَإِذَا أَمْضَتْ هِيَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِمَّا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ مِمَّا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ الْفِرَاقُ، فَقَدْ سَقَطَ مَقَالُ الزَّوْجِ إذَا قَبَضَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ بِطَوْعِهَا.

قُلْتُ: فَلَوْ حَكَمَ وَاحِدٌ بِوَاحِدَةٍ وَحَكَمَ الْآخَرُ بِاثْنَتَيْنِ؟

قَالَ: إذًا يَكُونَانِ مُجْتَمَعِينَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْوَاحِدَةِ.

قُلْتُ: فَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدٌ اثْنَتَيْنِ وَالْآخَرُ ثَلَاثًا؟

قَالَ: قَدْ اجْتَمَعَا عَلَى الْوَاحِدَةِ فَمَا زَادَ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>