للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْيَمِينُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي سِجْنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ كَتَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى مِثْلِ هَذَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ الَّتِي حَلَفَ بِهَا أَنْ لَا يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ مِمَّا يُكَفِّرُهَا فَإِنَّ الْفَيْئَةَ بِالْقَوْلِ، فَإِنْ صَحَّ أَوْ خَرَجَ مِنْ السِّجْنِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَوَطِئَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَلَمَّا حَلّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقَفْته فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وَإِنَّمَا كَانَ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَلَمْ يُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ.

قَالَ: ذَلِكَ لَهُ وَيُؤْمَرُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفَيْئَتُهُ تِلْكَ تُجْزِئُهُ حَتَّى يَصِحَّ، فَإِذَا صَحَّ فَإِمَّا وَطِئَ وَإِمَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ عَلَى غَيْرِ هَذَا.

قَالَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، فَلَمَّا صَحَّ أَبَى أَنْ يُجَامِعَ، أَتَطْلُقُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِأَنَّهُ حِينَ فَاءَ بِلِسَانِهِ وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ فَهُوَ فِي سَعَةٍ إلَّا أَنْ يَصِحَّ وَيُكَفِّرَ قَبْلَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَيَحْنَثُ إذَا فَاءَ بِلِسَانِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَحْنَثُ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا جَامِعَ.

قُلْتُ: هَلْ تُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْإِيلَاءِ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ بِالْكَفَّارَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ جَعَلَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ صَحِيحًا فَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يَحْنَثَ ثُمَّ يُكَفِّرَ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُفُّ عَنْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَا يَطَأُ فَتَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ.

قَالَ: لَا يُتْرَكُ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ حَتَّى يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ إلَى رِجَالٍ كَانُوا بِخُرَاسَانَ قَدْ خَلَفُوا أَهْلِيهِمْ فَكَتَبَ إلَى أُمَرَائِهِمْ إمَّا أَنْ حَمَلُوهُنَّ إلَيْهِمْ وَإِمَّا أَنْ قَدِمُوا عَلَيْهِنَّ وَإِمَّا أَنْ فَارَقُوهُنَّ.

قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ رَأْيِي وَأَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ وَقَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا وَطْئَةً ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ اللَّهِ مَا حَبَسَهُ عَنْهَا فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَطَأَهَا وَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِمَكَانِ مَا أَصَابَهُ لَيْسَ لِيَمِينٍ عَلَيْهِ وَلَا تَرَكَ ذَلِكَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَبَدًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ أَيُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَا يُوقَفُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ عَلَى مَنْ يَسْتَطِيعُ الْفَيْئَةَ بِالْوَطْءِ.

قَالَ: وَمَثَلُ ذَلِكَ الْخَصِيُّ الَّذِي لَا يَطَأُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ، أَيُوقَفُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ الرَّجُلِ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يُقْطَعُ ذَكَرُهُ فَهَذَا كُلُّهُ وَاحِدٌ وَلَا يَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَوْقِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>