للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، فَوَقَفَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَطَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فَكَانَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَعِدَّتُهَا سَنَةٌ فَارْتَجَعَهَا فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ بَعْدِ مَا رَاجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا أَيُوقَفُ ثَانِيَةً أَمْ لَا؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يُوقَفُ وَلَكِنْ يَنْتَظِرُ بِهَا مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ.

قُلْتُ: وَلِمَ لَا يُوقِفُهُ لَهَا وَهِيَ إنْ مَاتَتْ تَوَارَثَا؟

قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا إنْ لَمْ يَرْتَجِعْهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ غَيْرَ بَائِنٍ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُهُ وَلَا يُوقَفُ لَهَا إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ بَعْدِ مَا طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ بَلْ هِيَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا، وَلَا يُوقَفُ الرَّجُلُ فِي الْإِيلَاءِ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ إذَا وُقِفَ مَرَّةً فَطَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فَارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ إنْ وَطِئَ حَنِثَ وَكَفَّرَ وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَلَيْسَتْ رَجَعْتُهُ بِرَجْعَةٍ وَتَصِيرُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوقَفُ فِي الْإِيلَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَبَسَتْهَا الْعِدَّةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، فَمَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تُوقِفَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ لَهَا أَنْ تُوقِفَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ، فَمَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَلَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرَادَتْ أَنْ تُوقِفَهُ؟

قَالَ: يَرْجِعَ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ مُبْتَدَأً مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا التَّزْوِيجَ الثَّانِي، فَإِذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا التَّزْوِيجَ الثَّانِيَ وَقَفَتْهُ إنْ أَحَبَّتْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آلَى مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَانْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بَعْدَمَا مَضَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ آلَى مِنْهَا فَبَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ خَطَبَهَا مَكَانَهُ فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ أَنَا أُوقِفُك فَإِمَّا أَنْ تَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُوقِفَهُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النِّكَاحِ الثَّانِي، لِأَنَّ الْمِلْكَ الْأَوَّلَ قَدْ سَقَطَ، فَقَدْ سَقَطَ الْأَجَلُ الَّذِي مَضَى مِنْ الْإِيلَاءِ الَّذِي كَانَ، وَالْإِيلَاءُ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ وَيَبْتَدِئُ فِيهِ الْمَرْأَةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ نَكَحَهَا النِّكَاحَ الثَّانِيَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ آلَى مِنْهَا فَوَقَفَتْهُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَفَتْهُ أَيْضًا حَتَّى بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ.

قَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَتُوقِفُهُ امْرَأَتُهُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ لَا يُبْطِلُهُ طَلَاقُ الزَّوْجِ إيَّاهَا ثَلَاثًا طَلَّقَهَا بِتَرْكِ الْفَيْءِ أَوْ بِطَلَاقٍ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَا الظِّهَارُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ، فَكُلُّ جِمَاعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ فَإِنَّ طَلَاقَهُ إيَّاهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْإِيلَاءَ وَلَا الظِّهَارَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ إلَّا بِكَفَّارَةٍ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ.

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>