للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنِي وَلَمْ أَطَأْهَا، فَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ: حَمَلَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِي، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ ابْنِي فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ سَفَرٍ فَوَلَدَتْ امْرَأَتُهُ وَلَدًا فَلَاعَنَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَوْ أَقَلَّ وَلَدًا آخَرَ، أَيَلْتَعِنُ لَهُ أَيْضًا أَمْ لَا يَلْتَعِنُ؟

قَالَ: يُجْزِئُهُ اللِّعَانُ الْأَوَّلُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَلِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ حِينَ الْتَعَنَ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَقَدْ الْتَعَنَ وَقَطَعَ عَنْ نَفْسِهِ كُلَّ وَلَدٍ يَكُونُ لِهَذَا الْحَمْلِ.

قُلْتُ: فَإِنْ ادَّعَى الْوَلَدَ الثَّانِيَ؟

قَالَ: يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَيُجْلَدُ الْحَدَّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ وَلَدًا فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ الرَّجُلُ بِذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَلَمَّا قَدِمَ انْتَفَى مِنْهُ أَيُلَاعَنُ الْوَلَدُ مَيْتًا أَمْ لَا؟

قَالَ: يُلَاعَنُ، لِأَنَّهُ قَاذِفٌ.

فَقُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَنَفَاهُ فَيَلْتَعِنُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَتْ زَنَتْ وَحُدَّتْ فَقَالَ: إنِّي رَأَيْتهَا تَزْنِي؟ فَقَالَ: إذَا قَذَفَهَا بِرُؤْيَةٍ وَلَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا الَّذِي حُدَّتْ فِيهِ لَاعَنَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقَدْ قَذَفَهَا بِرُؤْيَةٍ وَلَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا الَّذِي حُدَّتْ بِهِ أَتَضْرِبُهُ لَهَا الْحَدَّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ قُلْتُ: فَإِنْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا وَقَدْ غُصِبَتْ نَفْسُهَا أَتُلْتَعَنُ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَ قَذْفُهُ إيَّاهَا بِرُؤْيَةٍ سِوَى الَّذِي اُغْتُصِبَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْتَعِنُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهَا: ادْرَئِي عَنْ نَفْسِكَ مَا أَحَقَّ عَلَيْكِ بِالْتِعَانِهِ، وَخُذِي مَخْرَجَكِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَكِ بِأَنْ تَشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ وَتُخَمِّسِي بِالْغَضَبِ فَإِنْ لَمْ يَقْذِفْهَا وَإِنَّمَا غُصِبَتْ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ حَامِلًا فَنَفَاهُ لَمْ يَسْقُطْ نَسَبُ الْوَلَدِ إلَّا بِاللِّعَانِ، فَإِنْ الْتَعَنَ دُفِعَ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الْفَاسِقِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي دَخَلَتْ لَهَا بِالِاغْتِصَابِ، لِأَنَّهَا تَقُولُ: أَنَا مِمَّنْ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَقَدْ كَانَ مِنْ الْغَاصِبِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَبَى اللِّعَانَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَيَجْلِدُهُ مَالِكٌ بِإِبَائِهِ أَمْ حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ؟

قَالَ: إذَا أَبَى اللِّعَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أُقِيمَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا الْتَعَنَ الرَّجُلُ فَنَكَلَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ اللِّعَانِ، أَيَحُدُّهَا أَمْ يَحْبِسُهَا حَتَّى تَلْتَعِنَ أَوْ تُقِرَّ عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا فَيُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ إذَا نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ رُجِمَتْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ} [النور: ٨] قَالَ: فَإِذَا تَرَكَتْ الْمَخْرَجَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهَا بِرَدِّ قَوْلِهِ جُلِدَتْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَرُجِمَتْ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ أَحَقَّ عَلَيْهَا الزِّنَا بِالْتِعَانِهِ، وَصَدَّقَ بِهِ قَوْلَهُ حَتَّى صَارَ غَيْرَ قَاذِفٍ لَهَا، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ صِدْقِهِ عَلَيْهَا وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>